الانس الجليل (صفحة 31)

قَالَ فَمن رب نمْرُود؟ فَلَطَمَهُ لطمة كَادَت ان تخرج عَيْنَيْهِ وَقَالَ لَهُ اسْكُتْ وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى (وَلَقَد آتَيْنَا إِبْرَاهِيم رشده من قبل وَكُنَّا بِهِ عَالمين) ثمَّ ان إِبْرَاهِيم قَالَ لامه يَوْمًا أخرجيني من الْغَار فَأَخْرَجته عشَاء فَلَمَّا خرج نظر وتفكر فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ثمَّ قَالَ ان الَّذِي خلقني وَرَزَقَنِي ويطعمني ويسقيني لرَبي مَا لي إِلَه غَيره ثمَّ نظر إِلَى السَّمَاء فَرَأى كواكبها وَرَأى كوكبا فَقَالَ هَذَا رَبِّي ثمَّ اتبعهُ بَصَره حَتَّى غَابَ وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ فَلَمَّا غَابَ قَالَ لَا احب الآفلين وَهَذَا يدل على كَمَال عقله وَعلمه إِذْ الآفل لَا يجوز أَن يكون إِلَهًا ثمَّ رأى الْقَمَر بازغا قَالَ هَذَا رَبِّي فَاتبعهُ بَصَره حَتَّى غَابَ فسئمه وَقَالَ ان لَا احب الآفلين وَرجع بفكره مُتَوَجها إِلَى ربه وَقَالَ (لَئِن لم يهدني رَبِّي لاكونن من الْقَوْم الضَّالّين) وَمعنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَئِن لم يهدني رَبِّي ان الْهِدَايَة والتوفيق بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ ثمَّ طلعت الشَّمْس فَقَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا اكبر فَلَمَّا افلت سئمها وَتوجه إِلَى ربه بقلب سليم وَوجه وَجهه للحق بِالصّدقِ وَالْيَقِين ونادى على قومه بالشرك الْمُبين (وَقَالَ يَا قوم إِنِّي بري مِمَّا تشركون إِنِّي وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين) فنقله الله تَعَالَى من علم الْيَقِين إِلَى عين الْيَقِين ثمَّ إِن أَبَاهُ ضمه إِلَيْهِ فشب شبَابًا حسنا وَلم يزل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُجملا فِي جَمِيع أَحْوَاله حَتَّى أكْرمه الله تَعَالَى بِمَا أكْرمه من الْآيَات الْبَينَات والكرامات الباهرات ثمَّ البسه خلعة الْخلَّة وَجعله من أولي الْعَزْم من الرُّسُل وَجعله أَبَا الْأَنْبِيَاء وتاج الأصفياء ونصرة أهل الأَرْض وَشرف أهل السَّمَاء وَكَانَ مولده عَلَيْهِ السَّلَام بكوثا من إقليم بابل من ارْض الْعرَاق على ارجح الْأَقْوَال وَكَانَ آزر أَبُو إِبْرَاهِيم يصنع الْأَصْنَام ويغطيها لإِبْرَاهِيم لبيعها فَكَانَ إِبْرَاهِيم يَقُول من يَشْتَرِي مَا يضرّهُ وَلَا يَنْفَعهُ فَلَا يَشْتَرِيهَا أحد فَإِذا بارت عَلَيْهِ ذهب بهَا إِلَى نهر فصوب فِيهِ رؤسها وَقَالَ لَهَا اشربي استهزاء بقَوْمه وَبِمَا هم فِيهِ من الضَّلَالَة حَتَّى فَشَا استهزاؤه بهَا فِي قومه وَأهل قريته فحاجه قومه فِي دينه فَقَالَ لَهُم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015