على رؤسها فَاسْتَيْقَظَ النمرود من مَنَامه فَزعًا خَائفًا مَرْعُوبًا فَقص رُؤْيَاهُ على آزر فخاف آزر على نَفسه مِنْهُ وَقَالَ إِنَّمَا ذَلِك لِكَثْرَة عبادتي لَهَا وَكَانَ نمْرُود بليدا جَبَانًا فرضى بقول آزر وَسكت ثمَّ بدا لَهُ الدُّخُول إِلَى الْبَلَد فَلَمَّا دَخلهَا دخل آزر على الْأَصْنَام وَكَانَ هُوَ الْقيم لَهَا فَلَمَّا وَقع نظره عَلَيْهَا تساقطت عَن كراسيها فَسجدَ آزر حِين رأى ذَلِك وانطقها الله تَعَالَى وَقَالَت يَا آزر جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل ووافي نمروذ مَا كَانَ يحذرهُ فَدخل آزر بَيته وَكَانَ قد توهم فِي زَوجته إِنَّهَا حَامِل فَلَمَّا رَآهَا وَهِي نشطة سَأَلَهَا عَن حَالهَا فَقَالَت إِن الَّذِي كَانَ ببطني لم يكن ولدا وانما كَانَ ريحًا وَقد تصرف عني فصدقها على ذَلِك وَألقى الله تَعَالَى على نمروذ النسْيَان لامر إِبْرَاهِيم فَكَانَت أمه تتَوَجَّه إِلَى الْغَار فِي كل ثَلَاثَة أَيَّام مرّة لترى حَال وَلَدهَا فتراه فِي احسن هَيْئَة فتوجهت إِلَيْهِ مرّة فرأت الوحوش والطيور على بَاب المغارة فخافت واضطربت وظنت أَن وَلَدهَا قد هلك فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ وجدته بِخَير وعافية وَهُوَ جَالس على فرَاش من السندس وَهُوَ مدهون مَكْحُول بِأَحْسَن حَال فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك مِنْهُ ازدادت فِيهِ محبَّة وعظمته وَعلمت ان لَهُ شانا عَظِيما وان لَهُ رَبًّا يَحْرُسهُ ويتولاه فَنَظَرت إِلَيْهِ فَوَجَدته يمص فِي أَصَابِعه فَوجدت يخرج لَهُ من إِصْبَع لبن وَمن إِصْبَع عسل وَمن إِصْبَع سمن وَمن إِصْبَع مَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ وَكَانَ يشب شبا لَا يشبه أحدا من الغلمان يَوْمه كالشهر وشهره كالسنة وَلم يمْكث فِي الْغَار سوى خَمْسَة عشر شهرا وَتكلم فَقَالَ لامه يَوْمًا يَا آماه من رَبِّي؟ قَالَت انا فَقَالَ لَهَا وَمن رَبك؟ فَقَالَت لَهُ أَبوك قَالَ فَمن رب أَبى؟ قَالَت نمروذ قَالَ فَمن رب نمروذ؟ فلطمته لطمة وَقَالَت لَهُ اسْكُتْ فَسكت وَرجعت إِلَى زَوجهَا وَقَالَت لَهُ يَا آزر أَرَأَيْت الْغُلَام الَّذِي يتحدث بِهِ انه يُغير دين أهل الأَرْض؟ قَالَ لَا قَالَت انه هُوَ ابْنك ثمَّ أخْبرته بأَمْره وبمكانه فاتاه أَبوهُ وَنَظره وَفَرح بِهِ وَقَالَ لَهُ أَنْت وَلَدي؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيم نعم يَا أَبَت ثمَّ قَالَ إِبْرَاهِيم يَا أبتاه من رَبِّي؟ قَالَ أمك قَالَ فَمن رب أُمِّي؟ قَالَ أَنا قَالَ فَمن رَبك؟ قَالَ نمروذ