وَغير ذَلِك ووردت الْأَخْبَار بذلك إِلَى السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف قايتباى وَكتب لأهل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة محضراً بِمَا وَقع وجهزوه إِلَى الْقَاهِرَة فِي أسْرع وَقت وجزع النَّاس لذَلِك ثمَّ اهتم السُّلْطَان بعمارته وَأقَام فِي ذَلِك أعظم قيام وأنشأه وجدد عِمَارَته فَجَاءَت فِي غَايَة الْحسن وَللَّه الْحَمد والْمنَّة وَأما الْمَسْجِد الشريف فَلهُ أَرْبَعَة أَبْوَاب من جهتي الْمشرق وَالْمغْرب فَمن جِهَة الْمشرق بَاب جِبْرِيل وَبَاب النِّسَاء وَمن جِهَة الْمغرب بَاب السَّلَام وَبَاب الرَّحْمَة وَعَلِيهِ خمس مَنَابِر أَرْبَعَة قديمَة وَالْخَامِسَة مستجدة بمدرسة السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف قايتباي وَقد وقف السُّلْطَان الْمشَار إِلَيْهِ عل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة أوقافاً كَبِيرَة أَكْثَرهَا عقارات بِالْقَاهِرَةِ ورتب قمحاً يحمل إِلَيْهَا فِي كل سنة يصرف لأَهْلهَا والواردين إِلَيْهَا وَكَانَ ذَلِك فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة عِنْد انْتِهَاء الْمَسْجِد الشريف وَإِنَّمَا ذكرت هَذِه الْحَوَادِث هُنَا اسْتِطْرَادًا عل وَجه الِاخْتِصَار لتعلقها بِالْمَسْجِدِ الشريف ولنرجع إِلَى ذكر أَخْبَار الْهِجْرَة الشَّرِيفَة فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق - وَلما أَقَامَ النَّبِي صل الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة فَفِي السّنة الأولى من هجرته (ص) بنى بعائشة رَضِي الله عَنْهَا فِي شهر ذِي الْقعدَة وَهِي بنت تسع سِنِين وفيهَا كَانَت المؤاخاة بَين الْمُسلمين آخى بَينهم رَسُول الله (ص) فَاتخذ هُوَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَخا وَصَارَ أَبُو بكر وخارجة بن زيد بن أبي زُهَيْر الْأنْصَارِيّ أَخَوَيْنِ وتواخى أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَسعد بن معَاذ وَعمر بن الْخطاب وعتبان بن مَالك وَطَلْحَة بن عبيد الله وَكَعب بن مَالك وَسَعِيد بن زيد وَأبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنْهُم وفيهَا كَانَت غَزْوَة الْأَبْوَاء وَهِي أول غَزَوَاته ثمَّ غَزْوَة بواط ثمَّ غَزْوَة الْعَشِيرَة ثمَّ دخلت السّنة الثَّانِيَة من الهجر الشريف عل صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام