وابتدأ بالدعوة وَجَمِيع مَا لبث عِيسَى بعد ذَلِك ثَلَاث سِنِين فذبح يحيى كَانَ قبل رفع الْمَسِيح بِنَحْوِ سنة وَنصف قَالَ قَتَادَة وَكَانَ رَفعه بعد نبوته بِثَلَاث سِنِين وَالنَّصَارَى تسم سيدنَا يحي يوحنا المعمدان لكَونه عمد الْمَسِيح كَمَا ذكر وَكَانَ يحيى عَلَيْهِ السَّلَام لَا يَأْتِي النِّسَاء لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ مَا للرِّجَال فَلذَلِك سَمَّاهُ الله تعال (سيداً وَحَصُورًا) كَذَا قيل وَهُوَ غير مرضِي وَقد تكلم القَاضِي عِيَاض فِي الشِّفَاء على معنى ككون يحيى حصوراً بِمَا حَاصله إِن هَذَا الَّذِي قيل نقيضه وعيب لَا يَلِيق بالأنبياء وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ إِنَّه مَعْصُوم عَن الذُّنُوب لَا يَأْتِيهَا كَأَنَّهُ حصر عَنْهَا أَو إِنَّه حصر نَفسه عَن الشَّهَوَات فَمنعهَا وَيَأْتِي ذكر الْخلاف فِي مَحل قَبره وقبر وَالِده زَكَرِيَّا عِنْد ذكر قبر مَرْيَم " ع " وَأما مَرْيَم فاسم أمهَا حنة زَوْجَة عمرَان وَكَانَت حنة لَا تَلد واشتهت الْوَلَد فدعَتْ بذلك ونذرت إِن رزقها اله ولدا جعلته من خدمَة بَيت الْمُقَدّس فَحملت حنة وَهلك زَوجهَا عمرَان وَهِي حاملة فَولدت بِنْتا وسمتها مَرْيَم وَمَعْنَاهَا العابدة قَالَ الله تعال - مخبرا عَن أمهَا - (وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى) أَي لخدمة بَيت الْمُقَدّس وَلما يلْحقهَا من الْحيض وَالنّفاس وَعدم الصيانة عَن التبرج للنَّاس ثمَّ حملتها واتت بهَا إِلَى الْمَسْجِد ووضعتها عِنْد الْأَحْبَار وَقَالَت دونكم هَذِه الْمَنْذُورَة فتنافسوا فِيهَا لِأَنَّهَا بنت عمرَان - وَكَانَ من أئمتهم - فَقَالَ زَكَرِيَّا أَنا أَحَق بهَا لِأَن خَالَتهَا زَوْجَتي فَأَخذهَا زَكَرِيَّا وَضمّهَا إِلَى ايساع خَالَتهَا وَلما كَبرت مَرْيَم بن لَهَا زَكَرِيَّا غرفَة فِي الْمَسْجِد وانقطعت فِي تِلْكَ الغرفة لِلْعِبَادَةِ وَكَانَ لَا يدْخل على مَرْيَم غير زَكَرِيَّا فَقَط قَالَ الله تَعَالَى (كلما دخل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب وجد عِنْدهَا رزقا - فَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء وَفَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف قَالَ يَا مَرْيَم من أَيْن لَك هَذَا هُوَ من عِنْد الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب)