ثمَّ رد سُلَيْمَان الْهَدِيَّة كَمَا قَالَ الله تَعَالَى عَنهُ تعال قد مكنني فِيهَا وَأَعْطَانِي مِنْهَا مَا لم يُعْطه لأحد وَمَعَ ذَلِك أكرمني بِالدّينِ والنبوة ثمَّ قَالَ للمنذر بن عَمْرو - وَهُوَ أَمِير الْقَوْم - ارْجع إِلَيْهِم بالهدية (فلنأتينهم بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا - أَي لَا طَاقَة لَهُم بهَا - ولنخرجنهم مِنْهَا - أَي من أَرضهم وبلادهم وَهِي سبأ - أَذِلَّة وهم صاغرون) أَي ذليلون إِن لم يأتوني مُسلمين فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول بلقيس إِلَيْهَا قَالَت قد عرفت وَالله مَا هَذَا بِملك وَلَا لنا بِهِ من طَاقَة ثمَّ بعثت إِلَى سُلَيْمَان إِنِّي قادمة عَلَيْك بملوك قومِي انْظُر مَا أَمرك وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ من دينك ثمَّ أمرت بِعَرْشِهَا فَجَعَلته فِي آخر سَبْعَة أَبْيَات بَعْضهَا فِي بعض فِي آخر قصر من سَبْعَة قُصُور ثمَّ غلقت دونه الْأَبْوَاب ووكلت بِهِ حراساً يحفوظونه ثمَّ قَالَت لمن خلفت على سلطانها احتفظ بِمَا قبلك وسرير ملكي لَا تخلص إِلَيْهِ أحدا وَلَا تدنيه حَتَّى آتِيك ثمَّ أمرت منادياً يُنَادي فِي أهل مملكتها تؤذنهم بالرحيل ثمَّ شخصت إِلَيّ سُلَيْمَان فِي اثنى عشر ألف قيل من مُلُوك الْيمن تَحت يَد كل قيل أُلُوف كَثِيرَة وَكَانَ سُلَيْمَان رجلا مهاباً لَا يبتدأ بِشَيْء حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يسْأَل عَنهُ فَخرج يَوْمًا فَجَلَسَ على سَرِير ملكه فَرَأى رهجاً قَرِيبا مِنْهُ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا لَهُ هَذِه بلقيس وَقد نزلت بِهَذَا الْمَكَان وَكَانَت على مسيرَة فَرسَخ من سُلَيْمَان فَأقبل سُلَيْمَان حِينَئِذٍ على جُنُوده وَقَالَ لَهُم يَا أَيهَا الْمَلأ أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا قبل أَن يأتوني مُسلمين مُؤمنين وَقَالَ ابْن عَبَّاس مُسلمين أَي طائعين وَاخْتلفُوا فِي السَّبَب الَّذِي لأَجله أَمر سُلَيْمَان بِاخْتِصَار عرشها