ثمَّ قَالُوا وَالْأَمر إِلَيْك أيتها الملكة فِي الْقِتَال وَتَركه فانظري من الرَّأْي مَاذَا تأمرين تجدينا لأمرك مُطِيعِينَ قَالَت بلقيس - مجيبة لَهُم عِنْد التَّعْرِيض بِالْقِتَالِ - إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة عنْوَة أفسدوها - خربوها - وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة) أَي أهانوا أَشْرَافهَا وكبراءها كي يَسْتَقِيم لَهُم الْأَمر تحذرهم مسير سُلَيْمَان إِلَيْهِم ودخوله بِلَادهمْ وتناهى الْخَبَر عَنْهَا هَاهُنَا فَصدق الله قَوْلهَا فَقَالَ (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) أَي كَمَا قَالَت هِيَ يَفْعَلُونَ ثمَّ قَالَت (وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية فناظرة بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ) وَالْهَدْي هِيَ الْعَطِيَّة على ظهر الملاطفة وَذَلِكَ أَن بلقيس كَانَت امْرَأَة لَبِيبَة قد سيست وساست فَقَالَت للملأ حولهَا من قَومهَا إِنِّي مُرْسلَة إِلَى سُلَيْمَان وَقَومه بهدية أصانعه بهَا عَن ملكي واختبره بهَا أملك هُوَ أم نَبِي فَإِن يكن نَبيا لم يقبل الْهَدِيَّة وَلم يرضه منا إِلَّا أَن نتبعه عل دينه وَذَلِكَ وَله تَعَالَى (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) أَي كَمَا قَالَت هِيَ يَفْعَلُونَ ثمَّ قَالَت (وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية فناظرة بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ) والهدية هِيَ الْعَطِيَّة على ظهر الملاطفة فأهت لَهُ وصفاء ووصائف وألبستهم لباساً وَاحِدًا كي لَا يعرف ذكرهم من اثناهم قيل ألبست الغلمان لِبَاس الْجَوَارِي وَعَكسه وَكَانَ فِي لباسهم مَا هُوَ مرصع بأنواع الْجَوَاهِر وأركبتهم الْخُيُول بلجم الذَّهَب مرصعة بالجواهر وَجعلت الغواشي من الديباج الملون وَبعثت إِلَيْهِ خَمْسمِائَة لبنة من الذَّهَب وَخَمْسمِائة لبنة من الْفضة مكللة بالدر واليواقيت وَأرْسلت إِلَيْهِ الْمسك والعنبر وَالْعود اليلنجوج وعمدت إِلَى حقة فَجعلت فِيهَا درة ثمينة غير مثقوبة وخرزة جزعية صَغِيرَة مثقوبة معوجة الثقب ودعت رجلا من أَشْرَاف قَومهَا يُقَال لَهُ الْمُنْذر بن عَمْرو وضمت إِلَيْهِ رجَالًا من قَومهَا أَصْحَاب رَأْي وعقل وكتبت إِلَيْهِ كتابا بنسخة الْهَدِيَّة وَقَالَت لَهُ إِن كنت نَبيا فميز بَين الوصفاء والوصائف وَأخْبر بِمَا فِي الحقة من غير علاج أنس وَلَا جن