هَارُون واستخلف عل قَوْمك يُوشَع بن نون فَفعل ذَلِك وَسَار بهم نَحْو الْجَبَل من السَّمَاء إِن بني إِسْرَائِيل فصعقوا كلهم وماتوا فَحزن عَلَيْهِم مُوسَى وَقَالَ (رب لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا - يَعْنِي من عبدُوا الْعجل - إِن هِيَ إِلَّا فتنتك - يَعْنِي ابتلاؤك - تضل بهَا من تشَاء وتهدي من تشَاء أَنْت ولينا فَاغْفِر لنا وارحمنا) الْآيَة رد الله أَرْوَاحهم وَذَلِكَ قَوْله تعال (ثمَّ بعثنَا كم من بعد موتكم) وَرَجَعُوا من معسكرهم فرحين وأخبروا قَومهمْ بِمَا رَأَوْهُ ثمَّ إِنَّهُم بدلُوا التَّوْرَاة بعد ذَلِك وَزَادُوا ونقصوا مِنْهَا وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى (يحرفونه من بعد مَا عقلوه وهم يعلمُونَ) (قصَّة الجبارين والتيه والحطة) ثمَّ أوح الله إِلَيْهِ أَن يسير بهم إِلَى الأَرْض المقدسة فَإِذا أردتم دُخُولهَا فَلَا تدخلوها إِلَّا ساجدين شاكرين لربكم على تبليغكم إِيَّاهَا فَقَاتلُوا الجبارين وجاهدوهم وستثقلوا ذَلِك واستبعدوا الأَرْض المقدسة واختاروا أَيَّام فِرْعَوْن على هَذِه الْأَيَّام فَأوحى الله إِلَى مُوسَى إِنِّي ممطر عَلَيْهِم الْمَنّ وآمر الرّيح أَن تأتيهم بالسلوى وَالْحجر أَن ينفجر لَهُم بِمَاء عذب وَأمرت الْغَمَام أَن يسير مَعَهم واخفافهم لَا تنقب ثِيَابهمْ تكون بِقدر صغارهم وكبارهم فَلَمَّا سمعُوا ذَلِك طابت نُفُوسهم وَسَارُوا الْأَمر على ذَلِك ثمَّ اخْتَار مُوسَى اثْنَي عشر رجلا بِإِذن الله تَعَالَى ووجههم إِلَى أرِيحَا مَدِينَة الجبارين فيأتوه بخبرها وَصفَة أَهلهَا فَخَرجُوا وَمَعَهُمْ يُوشَع بن نون فَلَمَّا قربوا من الْمَدِينَة اسْتَقْبَلَهُمْ رجل من الجبارين فساقهم بَين يَدَيْهِ إِلَى أرِيحَا فَاجْتمعُوا عَلَيْهِم يتعجبون من ضعف أبدانهم وَقَالُوا هَؤُلَاءِ الَّذين يَزْعمُونَ إِنَّهُم يخرجوننا من مدينتنا وهموا بِقَتْلِهِم ثمَّ اقْتضى رَأْيهمْ أَن يَدعُوهُم ليكونوا عبيدا لَهُم فَلَمَّا أقبل اللَّيْل هربوا عل وُجُوههم وَلم يزَالُوا حَتَّى وصلوا إِلَى معسكر بني إِسْرَائِيل وأخبروهم بذلك