وَسَار فِرْعَوْن بجنده فِي تبع مُوسَى وَبني إِسْرَائِيل فَإِنَّهُ كَانَ مُعْتَقدًا لَهُم خَرجُوا هاربين مِنْهُ فَسَار حَتَّى قرب من بني إِسْرَائِيل فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا لمُوسَى يَا مُوسَى قد لحقنا فِرْعَوْن وَجُنُوده فَقَالَ مُوسَى (كلا إِن معي رَبِّي سيهدين) قَالُوا لَهُ قد قرب الْقَوْم وليسبين أَيْدِينَا شَيْء سوى الْبَحْر وَمَا خلقنَا سوى السيوف وَقد هلكنا فَأوحى الله إِلَى مُوسَى (إِن أضْرب بعصاك الْبَحْر) فإنفلق فَكَانَ كل فرق كالطود الْعَظِيم وَصَارَ فِيهِ اثْنَا عشر طَرِيقا للأسباط لاثني عشر فَجعلُوا يَسِيرُونَ فِيهِ وَيحدث بَعضهم بَعْضًا ومُوسَى بَين أَيْديهم وَهَارُون من ورائهم فَأقبل فِرْعَوْن وهامان بَين يَدَيْهِ وَمن وَرَائه وزراؤه وحجابه فنظروا إِلَى الْبَحْر يَابسا وَإِلَى تِلْكَ الطّرق فَأحب لُحُوق مُوسَى فَتقدم وَهُوَ على فرسه فَتَأَخر الْفرس ونقر فهبط جِبْرِيل على فرسه وَتقدم إِلَى فرس فِرْعَوْن فاشتم رَائِحَة فرس جِبْرِيل فأنبعها فِرْعَوْن ولحقه جُنُوده وَجِبْرِيل يَقُول أَيهَا الْملك لَا تعجل وَجعل مِيكَائِيل يَسُوق النَّاس خَلفه فَأخْرج جِبْرِيل الصَّحِيفَة وَقَالَ لفرعون أَيهَا الْملك أتعرف هَذِه الصَّحِيفَة الَّتِي كتبهَا بِيَدِك؟ فَلَمَّا فتحهَا علم إِنَّه هَالك وَجعل الْبَحْر يَنْضَم بعضه إِلَى بعض وَالنَّاس يغرقون وَفرْعَوْن ينظر إِلَيْهِم فَلَمَّا استيقن بِالْمَوْتِ قَالَ (آمَنت إِنَّه لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي منت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل وَأَنا من الْمُسلمين) فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام (الْآن وَقد عصيت قبل وَكنت من المفسدين) فَلَمَّا أخبر مُوسَى قومه بِهَلَاك فِرْعَوْن وَقَومه قَالَ بَنو إِسْرَائِيل / مَا مَاتَ فِرْعَوْن فَأمر اله الْبَحْر فَأَلْقَاهُ على السَّاحِل فَرَآهُ بَنو إِسْرَائِيل فَمن ذَلِك الْوَقْت لَا يقبل المَاء مَيتا أبدا بل يلقيه وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى (فاليوم ننجيك ببدنك لتَكون لمن خَلفك آيَة) - عِبْرَة وموعظة - فغرق الْقَوْم كلهم وَبَنُو إِسْرَائِيل ينظرُونَ إِلَيْهِم كَيفَ يغرقون وَلما عبر مُوسَى الْبَحْر ببني إِسْرَائِيل إِذْ رَأَوْا فِي طريقهم قوما يعْبدُونَ الْأَصْنَام فَقَالَ سفهاؤهم (يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة قَالَ مُوسَى إِنَّكُم قوم