أدلكم على أهل بَيت يكفلونه لكم وهم لَهُ ناصحون) فَلم تعلم آسِيَة إِنَّهَا أبنه عَمها بالية ثِيَابهَا فَقَالَ فِرْعَوْن من هَؤُلَاءِ الْقَوْم؟ فَقَالَت هم من آل إِبْرَاهِيم أَمر بإتيانهم فَحَضَرت أم مُوسَى فعرفتها آسِيَة إِنَّهَا امْرَأَة عَمها عمرَان فأعطتها الصَّبِي فَلَمَّا أَخَذته ضحك ورضع مِنْهَا فَقَالَ لَهَا فِرْعَوْن إِنِّي أرى لَبَنًا كثيرا فَهَل لَك ولد؟ فَقَالَت هَل ترك أهلك وأعوانك ولدا وَلم يقتلوه؟ فَقَالَ لَهَا فِرْعَوْن وَيلك من قتل ولدك؟ قَالَت الْملك أعلم بذلك - وَلم يعلم فِرْعَوْن إِنَّهَا امْرَأَة عمرَان - واستمرت عِنْد آسِيَة ترْضِعه سنة كَامِلَة ثمَّ انصرفت من عِنْدهَا مسرورة مستبشرة فَلَمَّا صَار لمُوسَى ثَلَاث سِنِين دَعَا بِهِ فِرْعَوْن واقعده فِي حجره وَجعل يلاعبه فَقبض مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِيَدِهِ لحية فِرْعَوْن ولطمه بِالْأُخْرَى فَقَالَ فِرْعَوْن فِي نَفسه لاشك أَن هَذَا الَّذِي يكون عدوي فهم بقتْله فأسرعت إِلَيْهِ آسِيَة وَقَالَت لَهُ إِن صبيان لَهُم حَرَكَة ولع من غير معرف وَلَا عقل وَأَنا أريك إِنَّه لَا يعقل فَأمرت إِحْضَار طشت من فضَّة وَوضعت فِيهِ تَمْرَة وجمرة وقدمته لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَت وَلَدي خُذ أَيهمَا شِئْت فَأَرَادَ مُوسَى أَن يمد يَده وَيَأْخُذ التمرة فَضرب جِبْرِيل يَده على الْجَمْرَة فَأخذ مُوسَى بِيَدِهِ الْجَمْرَة ورفعها إِلَى فِيهِ فَاحْتَرَقَ لِسَانه فَرَمَاهَا من فِيهِ وَبكى بكاء شَدِيدا فَقَالَت لَهُ أَرَأَيْت لَو كَانَ لَهُ عقل أَكَانَ يُؤثر الْجَمْر عل النمرة؟ فَسكت فِرْعَوْن بعد ذَلِك ثمَّ أظهرا الله آيَاته وَبَانَتْ معجزات مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنْبَتَهُ الله نباتاً حسنا وَأَعْطَاهُ حكما وعلماً فِي دينه وَدين آبَائِهِ (فَلَمَّا بلغ أشده واستوى) قَالَ ابْن عَبَّاس الأشد مَا بَين ثَمَان وَعشْرين إِلَى ثَلَاثِينَ سنة واستوى إِذْ صَار ابْن أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَ يذكر لبني إِسْرَائِيل مَا فِي فِرْعَوْن مَا هُوَ عَلَيْهِ من الضلال وَكَانَ مُوسَى يَأْمر فِرْعَوْن بِالْمَعْرُوفِ وينهاه عَن الْمُنكر يعظه وينهاه عَن الْكفْر حَتَّى شاع ذَلِك فِي الْبَلَد وَإنَّهُ مُخَالف رَأْي فِرْعَوْن