يعود يوسف بن تاشفين رحمه الله إلى أرض المغرب من جديد، فتحدث الصراعات بين أمراء المؤمنين الموجودين في بلاد الأندلس على الغنائم، والبلاد المحررة، وهنا يضج العلماء، ويذهبون إلى يوسف بن تاشفين مرة أخرى ويقولون: يا يوسف! خلصنا من أمرائنا، فيتورع يوسف بن تاشفين من مهاجمة بلاد الأندلس، ومحاربة المسلمين، فتأتيه الفتاوى من كل بلاد المسلمين حتى جاءته من الشام من أبي حامد الغزالي صاحب الإحياء، ومن أبي بكر الطرطوشي العالم المصري الكبير، وجاءته الفتاوى من كل علماء المالكية في شمال إفريقية، أن يدخل بلاد الأندلس ويضمها إلى دولة المرابطين، وينجد المسلمين مما هم فيه؛ لأن هذه البلاد ستضيع لا محالة إن تركها يوسف بن تاشفين! فدخلها مرة ثانية سنة (483هـ) أي: بعد موقعة الزلاقة التي تمت في (479هـ) بأربع سنوات، فحاربه أمراء المؤمنين، وممن حاربه المعتمد على الله بن عباد، الذي لم يجد العزة إلا تحت راية يوسف بن تاشفين، لكن أنى له أن يحارب يوسف بن تاشفين، فقد استطاع أن يضم كل بلاد الأندلس ومن ضمنها سرقسطة بعد أن قسمها الملك الذي كان عليها بين ابنيه، وضمها إلى بلاد المسلمين، وأصبح يوسف بن تاشفين أميراً على دولة واحدة تمتد من شمال الأندلس بالقرب من فرنسا إلى وسط أفريقيا، وظل رحمه الله يحكم المسلمين حتى سنة (500هـ) وكان قد بلغ من العمر (100) عام، ومات رحمه الله في سنة (500هـ) ولم يفتن بالدنيا لحظة، فقد ملك أموال الدنيا جميعاً، فالأندلس بلاد غنية جداً، لكنه ما فتن بالدنيا لحظة، فقد ظل الشيخ الكبير والأمير العظيم حتى آخر لحظات حياته، لا يلبس إلا الخشن من الصوف، ولا يأكل إلا الخبز من الشعير، ولا يشرب إلا لبن الإبل، فرحم الله يوسف بن تاشفين، ورحم الله أبا بكر بن عمر اللمتوني ورحم الله الشيخ عبد الله بن ياسين، ورحم الله الشيخ يحيى بن إبراهيم الجدالي الذي أتى بالشيخ عبد الله بن ياسين في سنة (440هـ)، فخلال (60) سنة تصبح دولة المرابطين من أقوى دول العالم في ذلك الزمان.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وجزاكم الله خيراً كثيراً.