فر المهدي من سليمان بن الحكم إلى طرطوشة في الشمال، وهناك قابل رجلاً من بني عامر اسمه الفتى واضح، أقنع المهدي بأن يتعاون معه ليعيده إلى الملك من جديد، ويكون الفتى واضح على الوزارة، لكن الفتى واضح قال له: إنه ليس لنا طاقة بـ سليمان بن الحكم مع البربر ومعه أيضاً ملك قشتالة، ففكر الفتى واضح والمهدي بالاستعانة بأمير برشلونة في مملكة أراجون في الشمال الشرقي، والتي كانت تدفع الجزية لـ عبد الرحمن الناصر ولابنه وللحاجب المنصور، فوافق أمير برشلونة على أن يساعدهم في حربهم ضد سليمان بن الحكم الموجود في قرطبة، واشترط عليهم شروطاً وهي: أولاً: أن يدفعوا لأمير برشلونة مائة دينار ذهبية عن كل يوم في القتال.
ثانياً: أن يدفعوا ديناراً ذهبياً لكل جندي عن كل يوم في القتال، فتطوع أناس كثيرون لحرب المسلمين.
ثالثاً: أخذ كل الغنائم من السلاح وغيرها من قبل أمير برشلونة.
رابعاً: أخذ مدينة سالم، وهي التي حررها عبد الرحمن الناصر منذ عهد الخلافة الأموية.
فهذه شروط مخزية وقبيحة وفضيعة جداً، وافق عليها المسلمون، وبدأت بالفعل موقعة كبيرة في شمال قرطبة بين المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار ومعه الفتى واضح العامري وأمير برشلونة، وبين الأمير سليمان بن الحكم الملقب بـ المستعين بالله ومعه البربر، فانتصر المهدي ومن معه وهزم سليمان بن الحكم وفر ومن معه ومن بقي من البربر، وسلمت مدينة سالم والغنائم كلها لأمير برشلونة، وتولى المهدي الحكم من جديد في قرطبة.
لكن الذي حصل أن الفتى واضح انقلب على المهدي، فقد كان المهدي أحمق في أنه يتفق مع الفتى واضح العامري، ومنذ شهور بسيطة كان المهدي يذبح العامريين في كل مكان، فكيف يأمن أن يعقد معاهدة مع الفتى واضح على أن يعاونه في تملك الحكم في بلاد قرطبة؟