في سنة (701هـ) يموت ابن الأحمر الفقيه ويتولى من بعده محمد الثالث الذي كان يلقّب بـ الأعمش، وقد كان رجلاً ضعيفاً جداً، وتولى الأمور في عهده الوزير أبو عبد الله بن الحكيم وما هو بحكيم، فقد سيطر على الأمور تماماً في بلاد غرناطة، وكان على شاكلة من سبقه في مراسلة ملك قشتالة والتحالف معه، ثم لم يكتف بذلك، لكنه زاد على السابقين له في هذه المحالفة بأن فعل أفعالاً عجيبة، فجهّز جيشاً وذهب به إلى دولة بني مرين واحتل منها سبتة حتى يقوي شأنه في مضيق جبل طارق، بل وفعل ما هو أشد من ذلك، فراسل رجلاً من بني مرين ليقوم بانقلاب ضد يوسف بن المنصور وأمده بسلاح، فوافق الرجل على ذلك، فهو يريد أن يُزعزع الحكم في بني مرين ويعتمد تماماً على ملك قشتالة في الحكم، وهذا غباء منقطع النظير، وأمر لا يقره عقل ولا دين، لكن هذا ما حدث.
كانت النتيجة أنه بعد ذلك بأعوام قليلة سقط جبل طارق على يد الصليبيين، وعُزلت بالكلية بلاد الأندلس عن بلاد المغرب، وهكذا تُركت غرناطة لمصيرها المحتوم، فبلاد غرناطة وحُكام غرناطة وشعبها اعتمدوا منذ سنوات طويلة على استيراد النصر من بلاد المغرب، أما الآن فقد انقطع النصر الذي يأتي من بلاد المغرب، وخيانات كثيرة جداً مع بلاد المغرب لا تُعطي لهم الأمان في مساعدة هؤلاء، وهكذا تُركوا لحالهم ولشأنهم، وكان هذا في سنة (709هـ) لما سقط جبل طارق في يد الصليبيين.