قال عبد الملك بن حبيب (?) : قال لي مُطرِّفٌ وابنُ الماجشون وأصبغُ: إذا كان أهل ذمةٍ منقطعين عن دار الإسلام وحريمه، ولم يكن المسلمون معهم في موضعهم ذلك، فلهم إحداث الكنائس، ورَمُّ كنائسهم القديمة، والزيادةُ فيها، اشترطوا ذلك أو لم يشترطوه، ولا يُمنعوا من إدخال الخمر إليهم، ولا مِن كَسْب الخنازير عندهم، وإن كانوا في بلد المسلمين، أو في حريمه وعمله، أو في قريةٍ من قراهم، قد سكنها المسلمون معهم؛ مُنِعُوا من ذلك كُلِّه، فإن زعموا أنهم لا يريدون بيع الخمر من مسلم؛ لم يكن لهم إدخالها، لا سِرّاً ولا جهراً، ولا أن يحملوها من قرية إلى قرية، وما ظهر للإمام من خمرهم، فعليه أن يُهريقَها، ويَضْرِبَ حاملها، كان منهم أو من غيرهم، وإن خرج منهم سكران في جماعة المسلمين؛ كان عليه أن يضربه على ذلك، وكذلك إن أظهروا الخنازير في مواضع المسلمين؛ فعلى الإمام أن يأمرهم بعقرها، ويضربَ مُظهرها،
ويُغَيِّب جيفهَا عنهم إذا عقرها، وكذلك يُمنعون من إظهار صليبهم في أعيادهم، أو في استسقائهم في جماعة المسلمين، فإن أظهروا؛ فعلى الإمام أن يأمر بكسرها، ويضربهم على إظهارها، قالوا: ولو اشترطوا في صلحهم رَمَّ كنائسهم القديمة، وُفِّيَ لهم به، ومُنِعُوا من الزيادة فيها، كانت ظاهرةً أو باطنة. قالوا: ولا ينبغي لإمام المسلمين أن يشترط لهم إحداث الكنائس، فإن جهل فَفَعل؛ مُنِعوا من إحداثها، ولا عَهدَ لأحدٍ في معصية الله -عز وجل-.
قال ابن الماجشون (?) : إنما لهم بالشرط الرَّمُّ فقط. قال: وأما أهل العنوة فلا تترك لهم -عندما تُضْربُ عليهم الجزية- كنيسةٌ قائمةٌ إلاَّ هُدِّمت، ولا يُتركوا أن يحدثوا كنيسة، وإن كانوا معتزلين عن جماعة الإسلام؛ لأنهم كعبيد المسلمين، ولا شرط لهم يُوفَّى به، وإنما صار لهم عهدٌ حُرِّمت به دماؤهم حين أُخذت منهم الجزية.