نزعوا لا يُقدرُ عليهم إلا بمؤنة، فإنه لا يُقبلُ منهم ما دَعوا إليه، إلاَّ على الارتحال مع المسلمين، وتَخْلِيَةِ بلادهم.
ومن الشروط على أهل الجزية: أخذهم السنة (?) بالمنع والكفِّ عن تناول شريعة المسلمين ومِلَّتهم، وتوَقِّي ما يقدح في شيءٍ من أمور دينهم بشيءٍ من المَعابةِ والطَّعن والاستخفاف، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير ما يحِقُّ له، ولو لم يُقرُّوا بصحة ذلك، ومنعهم (?) من الدعاء لدينهم، والإعلان بمعالم شرعهم في أمصار المسلمين: من ضربِ النواقيس، وبناء الكنائس، ومجتمع الصلوات، وإظهار الصَّليب ونحو ذلك.
ومن ذلك: منعهم من الإفصَاحِ والإعلان بشرْكِهم، وما يَنحلُون لله من الصاحبة والولد، تعالى الله عن قولهم عُلوّاً كبيراً.
ومن ذلك: منعهم من إظهار ما يستبيحونه من شرب الخمور، ومواقعة الفجور، وغير ذلك، مِمَّا لا يحل للمسلمين -مع الاطلاع عليه- إقراره.
ومن ذلك: أن تجري عليهم أحكام المسلمين متى دعاهم إلى ذلك خَصْمٌ، أو متى ظهَرَ منهم ظلم.
هذه كلها شروطٌ واجبةٌ لا ينبغي إسقاطُها، ولا تَرْكُ العمل بشيءٍ منها، ولا تحلُّ إجابةُ الكفار إلى أن يشترطوا إسقاط ذلك عنهم أو
شيءٍ منه، ولا يجب الوفاء لهم به إن التزمه لهم من يَعقد على المسلمين، مِمَّن لعلَّه يجهل ذلك. والدليل على صحة هذه الجُمْلة: قولُ الله -عز وجل-: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ} [النساء: 140] ، وقوله -تعالى-: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة: 40] ، وقوله -تعالى-: {كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 8] ، وقوله -تعالى-: {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى