ماله؟ فقال مالك: «ذلك يختلف؛ أما أهل الصلح: فمن أسلم منهم فهو أحقُّ بأرضه وماله، وأما أهل العنوة الذين أُخذوا عَنْوة: فمن أَسْلَم منهم، فإنَّ أرضه وماله للمسلمين؛ لأن أهل العنوة قد غُلبوا على بلادهم، وصارت فيئاً للمسلمين، وأمَّا أهل الصلح: فإنهم قومٌ قد مَنعوا أموالهم وأنفسهم حتَّى صالحوا عليها، فليس عليهم إلا ما صالحوا عليه» .

قال ابن عبد البر (?) : على هذا جمهور العلماء.

وقال ابن حبيب (?) في أهل الصلح: إن كانت جزيتهم مُفَرَّفَةً على الجماجم، فالحكم فيهم على ذلك على من أسلم منهم أو مات: إحرازُ أرضه بالإسلام، وورثت عنه في الموت، وسقط ما كان عليه من الجزية، وإن كانت مصالحتهم على جزيةٍ واحدةٍ مُجْملةٍ، فالأرض تبقى أبداً موقوفةً للجزية لا تُورَّث، ولا يَحُوزها بالإسلام، ولا يُحَطُّ عن جماعتهم بموت من مات منهم، أو إسلامه شيءٌ من جملة تلك الجزية، ولا يؤخذ من أسلم بشيءٍ منها، ويؤخذ بذلك أهلُ دينه، وتكون أرضه وقفاً على ذلك.

والأظهر ما ذهب إليه الجمهور، وشهد له الدليل، كما بيَّنه مالكٌ -رحمه الله-.

فصلٌ: في شروط الجزية، وما يجب على أهل الذمة ولهم

قال الله -تعالى-: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 39] .

فكان أول ما يجب أن يكون الكفار الذين قُبِلتْ منهم الجزيةُ في بلدٍ، أو موضع يحيط بهم سلطان المسلمين، وتجري عليهم أحكامهم؛ ليكون إقرارهم على الجزية وأداؤهم لها كما فرضَ الله -تعالى-؛ لأنه لا يتمكن منهم في ذلك إلا أن يُحاط بهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015