ذلك قرآن، أو سُنَّة ثابتةٌ، أو إجماعٌ صحيحٌ، وكذلك أوجبوا عليه الحجَّ بهذا الاعتبار مع الاستطاعة، ورأوا ذلك إذا فعله مُجزءاً عنه إذا عُتِقَ
بعدُ؛ لأنه كان مخاطباً بذلك في حال الرِّق، فإذا فعله سقط عنه الفرضُ.
وأمَّا من له أبوان؛ فإن كانا يضيعان بخروجه إلى الجهاد، فهو إجماعٌ على أن فرض الجهاد ساقِطٌ عنه، ذكره أبو محمد بن حزم في «مراتب الإجماع» (?) . وإن كانا ممَّن لا يضيع، فذهب الجمهور إلى أن عليه أن يستأذنهما، فإن أذنا له خرج، وإن أبَيَا عليه لم يَجُزْ له أن يخرج، رُوي ذلك عن مالكٍ، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أهل العلم. قال أبو عمر بن عبد البر (?) : «لا خلاف أعلمه أن الرجل لا يجوز له الغزو ووالداه كارهان، أو أحدهما» .
قلت: ذلك إذا لم يتعيَّن الفرض، مثل أن يفْجأ العدو (?) ، فيُحتاج إليه في الدفع، ونحو ذلك مما يتعيَّن فيه؛ لأنه مالم يتعيَّن، يعصي والديه ويعقّهُما في غير شيء أوجبه الشرع، فذلك حرامٌ عليه، وأما إذا تعيَّن الفرض، فلايستأذنهما في ترك الفرائض (?) ، قال الله -تعالى-: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ