واختلفوا في العبد ومن له أبوان، هل يستأذنهما؟ ومن عليه دينٌ، هل يخرج بغير إذن غُرمائه؟ فأمًّا العبد: فالجمهور على أنَّه ليس من أهل الفرضِ في الجهاد، وأنه لم يخاطب بذلك إلاَّ الأحرارُ؛ لأنَّ فِعلَ الجهاد تُصابُ (?) فيه النفس والمال بالإتلاف، وهو مقصورٌ عن ذلك بالشرع (?) . قال قوم: ولو غزا مع سيده ليخدمه، فلا يقاتل إلا بإذنه، إلا أن يدخل العدوَّ عسكرَ المسلمين، فليقاتل ويدفعْ (?) . فمنعوه من القتال ابتداءً؛ لأن في ذلك الهلاكَ غالباً، وهو مالٌ لمالكه محظورٌ في الشرع تصرُّفٌ فيه بما يُعرِّضه للهلاك من غير إذن سيِّده، فأما في ضرورة الاقتحام ونحوه، فذلك أمرٌ يتعيَّن فيه القتال على كلِّ مكلفٍ قادرٍ، ولا أعلم الآن من يقول بإيجاب الجهاد عليه -أعني: الذي هو فرض كفاية، كما يكون ذلك على الأحرار- إلا ما تأتي عليه أصول (?) أهل الظاهر، فإنهم يرون الخطاب الواردَ في الشرعِ مَوْرِدَ العموم يتناول الحُرَّ والعبدَ على حدٍّ سواء، إلاّ أن يخصَّصَ شيئاً من