إن فعله أن يرُدَّ على أهل الحرب ما أتى به من ذلك كلِّه، وإنما يجيز له هذا
أبو حنيفة، كما تقدَّم من ذكر مذهبه، ووجه الردِّ عليه.
قالوا: فإن كان الأسير قد خرج إلى بلاد الحرب في الجهاد أو تلصُّصاً عليهم، وما أشبه ذلك من طَلَبِ النَّيلِ فيهم فأُسِرَ هناك،
ثم هربَ بشيءٍ، فإنه يُخَمَّس؛ لأنه قد أوجف في أوَّل دخوله، قاله محمد بن المواز (?) ، فالخروج برسم الجهاد، أو التَّلصُّص، والسرقة، وقصد النَّيْل منهم، يُعدُّ إيجافاً عندهم، فيكون فيه خمس ما أصيب منهم، ولا يكون كذلك إذا لم يُقْصد مِن أول الأمر إليه.
وفي كتاب ابن الموَّاز عن مالك: «إن طرح العدو شيئاً خوفاً من الغرق، أو انكسرت مراكبهم، فوجد إنسانٌ متاعاً أو ثياباً، ولا أحد معه من الحربيين، ولا هو بِقُربْ قُراهم؛ كان لمن أخذه، ولا خمس فيه. كأنه يريد: لأنه لُقَطَةٌ، لم يُوجفْ عليه» .
قال: «إلا أن يكون ذهباً أو فضة فيُخمَّس، كأنه شبَّهه بالرِّكاز» . قال: «وإن كانت الأمتعة أُلقيت -أو: العَيْنُ- بقرب قراهم ففيه الخمس، إلا أن يكون يسيراً» . هذا لا أعلم لتفريقه فيه وجهاً؛ إلا الاستحسان.
قال: «وإن كان معه الحربيون، كان سبيله سبيل الحربيين، أمرُ ذلك كُلِّه إلى الوالي» (?) .
قال ابن عبد البر (?) في قول مالك: «مَن وُجِد من العدوِّ على ساحل البحر بأرض المسلمين: أرى ذلك إلى الإمام، ولا أرى لمن أخذهم فيهم خُمساً» ؛ قال (?) : «لأنه لم يوجف عليهم بخيلٍ ولا ركاب» .
قال: «وقد قيل: إنهم لمن أخذهم، وقدر عليهم، وصاروا بيده، وفيهم