* مسألة:
قال ابن القاسم في الأسارى من المسلمين يصيبهم العدو في البحر، فيوثقونهم، ويوجهون بهم إلا بلادهم، فيثب عليهم الأسارى فيقتلون بعضهم، ويأسرون بعضهم، ويصيبون متاعهم ومركبهم: إنَّ ذلك إن كان فعله الأُسارى وهم يُسار بهم قبل أن يصلوا إلى أرضهم، ففي ذلك الخمس، قال: وأُراهم بعد في حربهم. قال: وإن كانوا قد وصلوا بهم إلى بلادهم، ثم خلصوا إلى ذلك منهم، فأرى ما أصابوا لهم، ولا خمس عليهم (?) فيه، وإنما يستحكم أسرهم إذا صاروا
بهم إلى موضعٍ يأمنون فيه لحوق مراكب المسلمين بهم. قال: ولو أمنوا قبل الوصول إلى أرضهم، لكان لهم بالوصول إلى موضع الأمن حكم الوصول إلى أرضهم.
قلت: هذا بناءً على أصلهم في أن لا خمس فيما أصيب على غير القتال، أو تعمّد الخروج لإصابته من تلصُّصٍ ونحوه، لكن قد كان يجب في هذه المسألة على هذا الأصل الخمس في ذلك كلِّه، سواء أَمِن العدو في طريقهم من الاتباع، أو لم يأمنوا، وصلوا إلى أرضهم، أو لم يصلوا، ما دام الجمعان من المسلمين والعدو يجمعهم بعد المناشبة بالقتال حضورٌ واحد، وإذا لم ينفصل أمر اجتماعهم ذلك، فهم في حومة المعالجة، وبسبيل ما نَشَبَ بينهم من ذلك القتال، وإنما إسارُ العدو لهم، ووثوبُ المسلمين بَعْدُ عليهم، كما لو هزمهم العدو، ثم كَرَّ عليهم المسلمون. وكما قالوا في وجوب الخمس إذا وثب الأسارى عليهم بعد أن أوثقوهم، وقبل أن يُلحقوا إلى حيث يأمنون أنهم بعدُ في حربهم، كذلك يلزم ما دام الجمعان على حضور واحد، ولا أثر للأمن، ولا نعلم أحداً يجعل أمن العدو سبباً لسقوط الخمس فيما أصيب منهم، أمَّا إن كانوا عند وصولهم بهم إلى أرضهم تفرَّقوا بالأسرى، وانفصل نظام الجمعين بعد ذلك اللقاء الذي كان على حكم القتال؛ فيمكن أن يقال: ما فعلوا من ذلك بَعْدُ فهو غير مستند إلى إنشاب ذلك القتال، وله