حصل منه ساعتئذٍ النِّيَّة والعمل، وذلك هو حقيقة الجهاد، ودخل بذلك في جملة من تنسب الغنيمة إليهم، فكان الوجه أن يُسهم له.

- ورجلٌ نوى الغزو فانْقُطِعَ به قبل مَشَاهِدِ القتال، فهذا الذي جرى فيه ذكر الخلاف في هذا الفصل، والذي يترجح -إن شاء الله- ألاّ يكون له في الغنيمة حقٌّ إن (?) لم يحضر من مشاهد الحرب شيئاً، ويدخل في ذلك المريض الذي لا يستطيع شيئاً من الحضور والتكثير فما فوق ذلك، فإن شهد هؤلاء شيئاً من ذلك،

-وإن قلَّ زمانه- فلهم سهمهم، أعني: فيما غنم عن ذلك الموطن، أو كان لذلك الموطن في أسباب اغتنامه أَثَرٌ؛ وذلك أن الذي أثبَته الشرع للنيات من الحظِّ، وإدراك بعضها رُتبةَ العمل، إنما جاء النص به فيما يرجع إلى ثواب الله -تعالى- وجزيل ما عنده.

وأمَّا أحكام الدنيا وما يستحق فيها بالعمل، فلم يرد الشرع في شيء من ذلك بأنَّ للناوي فيه مثل ما للعامل، بل لعلَّه مما يستحيل (?) التكليف به؛ لأنَّ الاطلاع على النية لا يعلمه إلا الله -عز وجل-.

ولما جعل الله -تعالى- الغنائم لمن غنمها دون من سواهم من المسلمين، وكان هذا لم يغنم، ولم يشارك في شيءٍ من أسباب الاغتنام؛ بطل أن يكون له معهم فيما ملَّكهم الله من ذلك شيء، ونيته على الله الذي وسع كلَّ مخلوقٍ فَضْلاً، والله أعلم.

وأمَّا من فرَّق من الفقهاء بين الإدراب وما قبله، فأوجب لمن دخل مع الجيش أرض العدو، وحيث تبتدئ الشدةُ والمخافةُ أن يُسهم له، وإن صدَّه عن التمام أمرٌ غالبٌ، ولم يوجب ذلك لمن اعْتُرِضَ قبله، فسببه: أن الإدراب عنده نوعٌ من مشاهد الحرب التي ينتفع الناس فيها بعضهم ببعض في القوة على التقدم، فإنَّ الجمع هناك إنما يحملهم على الدخول: الاعتدادُ بمن معهم، فيكون ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015