وضروراته أعمالٌ يتقسمها (?) الجيش، كلها ترجع إلى إنجادهم، وإعانتهم، وتدبير أحوالهم، وتفرغهم للإقبال على القتال؛ فمن ذلك الوقوف في الساقة (?) رِدءاً لهم، ومن ذلك الخروج في الكمين؛ لانتهاز الفرصة، والدفع في موضع الحاجة، ومن ذلك التقدم في السرايا والمسالح (?) أمامهم وخلفهم، ومن ذلك حراستهم في رحالهم وأحوالهم، والنظر فيما يصلحهم من العَلُوفة وغيرها، مما فيه معونتهم على ما هم بصدده، فكان جميع هؤلاء شركاء في المغنم؛ لأنه بذلك تمَّ أمرهم.
قال القاضي عبد الوهاب (?) : «من شهد القتال فله سهمه، قاتل أو لم يقاتل؛ لأنه قد حضر سبب الغنمية وهو القتال؛ ولأنه ليس كل الجيش يقاتل؛ لأن ذلك خلاف مصلحة الحرب؛ لأنه يحتاج إلى أن يكون
بعضهم في الرِّدء، وبعضهم يحفظون السواد، وبعضهم في العَلُوفة، على حسب ما يحتاج إليه في الحرب.
فلو قلنا: إنهم يقاتلون كلهم لم يستمر؛ لما بينَّاه، ولو قلنا: إنه لا يستحق إلا من قاتل، لكان كل الجيش يقاتل، فيبطل التدبير. قال: وقيل في قوله -تعالى-: {وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا} [آل عمران: 167] ، أي: كَثِّروا» .
قلت: فإذا تقرَّر ذلك، فمن خرج في الجيش برسم الجهاد، فكان من فريق من ذكرنا للتعاون على الحرب، فلا خلاف أعلمه في أنه يسهم له، إذا كان في نفسه على الصفات التي قدَّمنا، حسبما مضى في بعضها من الخلاف، فإن صدّه عن