وقال ابن حبيب: إن كان أذن الإمام لقومٍ من أهل الذمة في غزو العدو معه: أسهم بينهم وبين المسلمين (?) .
قلت: هذا لا يصلح؛ من وجهين: أحدهما: إذنه للذمِّي في الغزو معه، والثاني: الإسهام لهم مع المسلمين، وقد تقدم القول في منع ذلك كلِّه، وقيام الأدلة عليه.
قال أبو الوليد الباجي (?) : أما ما أخذ على وجه السرقة والتلصص، فحكم أهل السهم وغيرهم فيه سواء، يأخذ كل واحدٍ منهم حصته، بخلاف ما أخذ على وجه المدافعة والمغالبة، فذلك لأهل الإسهام دون من شركهم. ومثل هذه التفرقة بين حال الغزو والتلصص مروي عن ابن القاسم (?) ، وذلك جنوح إلى أن حكم ما يُسرق ويُتلصص عليه غير حكم الغنائم، وأنه
يختصُّ به من أخذه، كما يقوله الشافعية وغيرهم، وكان يلزم على ذلك أن لا يكون فيه خمس، وهو كله عند المالكية يُخمس؛ إن كان أهل السرقة والتلصص الذين حازوه ممن يسهم لهم، لم يختلفوا في ذلك، وفي أنه لا يُخمس إن كانوا من أهل الذمة، والخلاف عندهم إن كانوا عبيداً -كما تقدم-. قال اللخمي في الصبي والمرأة: «يلزم على قول سحنون أنه لا يُخمس ما حصل لهم في ذلك -أيضاً-؛ لأنه رأى التخميس إنما خوطب به من خوطب بالجهاد» .
فصلٌ: في بيان ما يُستحق به الإسهام من العمل
قال الله -تعالى-: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: 69] . فكان الأصل في استحقاق الغنيمة، ما به تُحاز وتُغنم، وهو: القتال، إلا أن القتال يكون من لواحقه