فصلٌ: في بيان ما يُستحق قسمه من أصناف المال
مما لا يُستحق
قال الله -عز وجل-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] .
فكان عموم الآية يقتضي تخميس كل شيءٍ استُولي عليه من الكفار، وقسم سائره في الغانمين؛ إلا أن يخصَّ شيئاً من ذلك دليلٌ فيوقف عنده.
والمستولى عليه صنفان: رِقاب الكفار، وأموالهم.
فأما صِنف الرقاب فنوعان: أسرى -وهم الرجال-، وسبيٌ -وهم النساء والذرية-.
فأما الأسرى؛ فقد تقدم القول فيهم، وتلخيصه: أن لأهل العلم في ذلك ثلاثة مذاهب؛ قول: إنهم يقتلون ولا بُدَّ. وقول: إنهم يُستحيون: للمن أو الفداء. وقول: إنَّ الإمام مخيَّرٌ فيهم على خمسة أحكام: القتل، والمن، والفداء، والاسترقاق، وضرب الجزية.
وأما السَّبيُ من النساء والصبيان، فإنهم بنفس الاستيلاء عليهم يُرقون بما أحكمته السُّنَّة من ذلك، فيصير حكمهم إلى حكم سائر أموال الغنائم في وجوب القسم والتخميس، من غير اختيارٍ يكون في ذلك للإمام؛ لأن التخيير الذي ثبت للإمام بالأدلة المنتزعة على ذلك من القرآن والسنة إنما هو خاص بأسرى الرجال، لكن يكون لمن صار إليه شيءٌ من السَّبي إما بالقسم أو بالشراء أو غير ذلك من وجوه التملك، أن يفدي بهم أو يُفادي، ويمنَّ بالعتق، ويتصرف في ذلك بما أباح له الشرع منه، وكذلك لو استطاب الإمام عنهم نفوس الغانمين. وكلُّ من يتوجه له فيهم حقٌّ، كان له أن يفعل فيهم من ذلك ما شاء على وجه النظر والمصلحة، إلا خلافاً في الأطفال: هل يُباح ردُّهم إلى الكفار؟ وقد مضى الكلام