تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} [محمد: 35] ، وكذلك قال عكرمة، وقتادة، وغيرهما أنها منسوخة، لكن زعموا أن الناسخ لها: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5] ، فعلى هذا لا تجوز المهادنة بحال، وقيل: بل المنسوخ الأخرى، والناسخ قوله -تعالى-: {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (?) [الأنفال: 61] ، وعلى هذا تجوز المهادنة بكل حال، وقيل: إن آية الجنوح للسلم نزلت في قومٍ بأعيانهم خاصة (?) ، وآية المنع هي عامة، وقيل: إن الآيتين نزلتا في وقتين مختلفي الحال،
معناه: إنهما محكمتان في حالين مختلفين؛ فإذا كان للمسلمين الظهور والاعتلاء، حرم السَّلم والإجابة إليه، وإن كانوا على حال توقٍّ وتخوفٍ ساغ لهم ذلك (?) .
وقيل: إن معنى: {فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} [محمد: 35] ، أي: لا تكونوا أول الطائفتين ضرعت للأخرى، وهي روايةٌ عن قتادة -أيضاً- (?) ، وعلى هذا القول ينتظم معنى الآيتين على حكم واحد؛ لأنه أبيح في الأولى الجنوح للسلم إن جنحوا، وابتدؤوا بطلب ذلك، وإنما مُنع في الثانية أن يدعوهم إليه المسلمون