أرض الإسلام أو قبل أن يصل إليها، فيقول: جنحتُ إلى الإسلام، أو جئتُ أطلب الفداء أو التجارة، فقيل: لا يقبل قولهم بعد أن يُؤخذوا؛ إذ لم يُظهروه قبل ذلك، ويكونون فيئاً للمسلمين، وهو قول أشهب، وقيل: يُقبل قولهم، أو يُردُّون إلى مأمنهم، إلا أن يتبيَّن كذبهم، وهو قول ابن القاسم، وقيل بالفرق بين أن يكونوا من أهل بلدٍ عُوِّدوا الاختلاف، لما ادعوه من الفداء أو التجارة أو الاستئمان، فهؤلاء يقبل قولهم، أو يردون إلى مأمنهم، وإلا يكن ذلك: فهم فيءٌ للمسلمين؛ قاله ابن حبيب، وعزاه إلى مالك (?) ، ولم يختلفوا أنهم إن كانوا أظهروا ما ادعوا من ذلك قبل أن يُؤخذوا، وقبل أن يصلوا إلى بلاد الإسلام؛ أنهم لا سبيل إليهم، ويقبل منهم ما ادعوا، ويردّون إلى مأمنهم، ففي كل هذه الأقوال مراعاة إعمال حكم الأمان فيما قصد إليه الحربي من الاطمئنان إلى المسلمين في عادتهم بالتأمين في مثل ذلك، وإن لم يكونوا تقدموا إليه في خاصته بأمانٍ معين؛ لأنهم كلهم رأوا ذلك لو عُلِمَ صدقه فيما ادَّعاه نافعاً له، وإنما سبب اختلافهم في هذه الأحوال كلها هو: هل يحملون على التصديق في دعواهم، -وقد عثر عليهم- أم لا؟

أما من تبيَّن صدقه: فإنه يحمل على حكم الأمان، ومن تبيّن كذبه: كان على حكم الأسرى، ومن أشكل أمره: كان فيه الخلاف، وطلبت له شواهد الحال.

ولذلك قال مالك في «موطئه» (?) : «فيمن وُجِد من العدو على ساحل البحر

بأرض المسلمين، فزعموا أنهم تجارٌ، وأن البحر لَفظَهم، ولا يعرف المسلمون تصديق ذلك، إلا أن مراكبهم تكسرت، أو عطشوا، فنزلوا بغير إذن المسلمين: أرى ذلك إلى الإمام (?) ، يرى فيهم رأيه، ولا أرى لمن أخذهم فيهم خُمساً» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015