مسائل من الاسترقاقِ والوطء بملك اليمين
* مسألة:
اتفق أهل العلم فيما ملكه المسلمون من سبايا الكفار فأَسلمنَ، أنَّ وطء من أَسْلمَ منهنَّ ولم يكن لها زوج، أو كانَ فقُتِلَ، حلال لسيدها بملك اليمين، من أي أصناف الكُفْر كانت؛ كتابية أو وثنيَّة إذا هي أَسْلَمتْ واستُبرئت، واختلفوا إذا هي بَقِيَتْ على دينها ولم تُسْلِمْ؛ فمنعت طائفة وطأها عموماً، وأباحته طائفة عموماً، وفَرَّقت طائفةٌ -وهم الجمهور- بين أهل الكتاب من اليهود والنَّصارى وبين الوثنيات، وسبب الخلاف تعارض الأدِلَّة في ظواهر الآي، فعموم قوله -تعالى-: {وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ، يَتضمَّن المنع من الجميع عندَ من جعلَ لفظ «الإشراك» عامًّا في أصناف الكفر، وهو موضع خلافٍ بين أهل العلم، وأما لفظة «النكاح» فعامٌّ في الوطء بأصلِ اللغة، يتناول ملك اليمين والزوجات، أعني: أنه موضوعٌ على الجماع، وإنما يُستعمل في العَقْدِ اتِّساعاً (?) ، فهذا مذهب، وعموم قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 5-6] ، يتضمَّن إباحة كُلَّ مملوكةٍ لمالكها، مسلمةً كانت أو كافرةً، كتابية أو غَير كتابية، فهذا مذهبٌ ثانٍ. وأما الذين فَرَّقوا بين الكتابيَّات وغيرهن، فإنهم حملوا قوله -تعالى-: {وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221] على أنه فيما سوى الكتابيات، بدليل النصِّ على إباحة تزوج الكتابيات في قوله -تعالى-: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] ، وبدليل وجود التفريق من الشرع في هذه الصِّفة، -أعني: الشرك بين أهل الكتاب وغيرهم- في مواضع من القرآن، قال الله -تعالى-: {مَّا