يُفادَى الضُّعفَاءُ والنِّساءُ والصبيانُ، ما كان الجيش بأرض الحرب، أو بفورِ خروجه إلى بلاد الإسلام، فأمَّا بعد تفرُّقِهم في بلاد الإسلام وقرارهم بها، طال مكثهم أو لم يَطُلْ، فلا يفادون إلا بالأسارى من المسلمين، قالوا: ولا يُفادَى الصِّغار منهم بمالٍ إذا لم يكن معهم آباؤهم، ويفادون بالمسلمين، وفي هذا من الاضطراب نحو ما تقدَّم من قول مالكٍ في مثله.

وأمَّا تفريقهم في الفداء بالمال بين أن يكون ذلك بقربِ الخروج إلى بلاد المسلمين، أو بَعد تفرقهم فيها وقرارهم وإن لم يَطُلْ، فلا وجهَ له. وعن أشهب (?) قال: «لا بأس أن يُفادَى بصغار الرُّوم الذين لم يُثغِروا، كانوا ذوي آباءٍ وأمهاتٍ أَوْ لا، ولا يُجبروا على الإسلام، كان لهم والدان أو لا» . وهذا جَرْيٌ إلى تغليب أحكام الكفر عليهم، وهو وفاق ماقدَّمنا من مشهور مذهب مالك، إلا أن تَقْييد أشهب بالذين لم يثغروا لا أثر له، إلا أَنْ يُريد: أنْ يَعْقِلوا الإسلام فَيَتَلفَّظوا به، فيكون لهم حكمه، والله أعلم.

قال ابن الموَّاز (?) في قول أشهب في إباحة فداء الصّغار: «إنما يُفادى بهم المسلمون، وأما بغير المسلمين فأكره ذلك» . وهذا مثل ما تقدم له هو قول من أشكل عليه أمرهم، فكره فداءهم بالمال، ورأى ذلك في المعاوضة بالمسلم المقطوع عليه خَفيفاً، وهو نحْوٌ مما ذهب إليه مالكٌ فيما تقدَّم من بعض أقواله،

وأجاز ابن القاسم (?) أن يُباع مِنَ الرُّوم مَنْ سُبِيَ منهم من النِّساء والأولاد بعد أن صاروا بأيدي المسلمين ببلد العدو، وبعد أن بلغوا المَصِّيصَة (?) ؛ يعني: بَعْضَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015