بالأسرى من الرجال على أقوال:
فذهب قومٌ إلى قتلهم ولا بُدَّ، وقومٌ إلى استحيائهم، والمنعِ من قتلهم، وفرَّق قومٌ بين الأسر بعد الإثخان، وهو استمرار القتل، فأجازوا هناك الأسر لِلْمَنِّ والفداء والاسترقاق، وبين الأسرِ قبل الإثخان؛ فمنعوا هناك الاستحياء، وأوجبوا فيهم القتل، وكذلك فرِّق بين أسارى أهل الكتاب وأسارى الوثنيين؛ فلم يجيزوا في الوثنيين إلا القتل، وذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الإمام مُخيَّرٌ في الأسارى بحسب الاجتهاد في مصالح المسلمين، وسبب الخلاف تعارض الآي في ذلك،
وما الناسخ منها من المنسوخ، أو: هَل ذلك كلُّه مُحكمٌ، والجمع بينه ممكن؟
فأما من ذهب إلى قتل الأسير ولا بدّ، فدليله قوله -تعالى-: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57] ، وقوله -تعالى-: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5] ، ورأوا هذا ناسخاً لقوله -تعالى-: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] ، ولا يجوز عندهم أن يُفَادى إلا بالمرأة؛ لأنها لا تقتل، وإليه ذهب قتادة (?) ومجاهد (?) والحكم، وروي عن ابن جريج