لضرورة الدفاع، وكذلك قال الشافعيُّ وأهل الظاهر وغيرهم (?) .
قال الشافعي (?) : «ذلك كالمشرك، له أن يرميه بالنَّبل والنار والمنجنيق، فإذا صار أسيراً في يديه لم يكن له أن يفعل ذلك به، وكان له قتله بالسيف، وكذلك له أن يرمي الصيد فيقتله، فإذا صار في يديه لم يَقْتُلْه إلا بالذكاة التي هي أخفُّ عليه» .
وأمَّا من منعَ التخريبَ والقَطْعَ والتحريق وسائر ما ذُكر في الباب، فيحتمل
أن يكون مستندهم في ذلك -والله أعلم-: عموم النَّهي عن الإفساد في الأرض، وإتلاف المال في غير انتفاعٍ أَذنَ به الشرع، ويحملون ما ثبتَ من التحريق والقطع في بني النضير، ومانزل في ذلك من القرآن على أن ذلك خاصٌّ فيهم، وربما تأول بعض المُتعسِّفين في ذلك: أنَّ قطعَ ما قُطع في بني النَّضير لم يكن على جهة التخريبِ والتنكيل، وإنما اضطروا إليه؛ لأن ذلك كان مجال (?) المقاتلة، أو نحو هذا، مما صرفوه به إلى الضرورة، وكلُّ ذلك بعيدٌ ضعيفٌ (?) .
فصلٌ: في الأسرى وأحكامهم، وما يجوز من التصرف فيهم
أجمع أهل العلم على جواز النكاية بالأسر في جميع الكفار عاماًّ، في الرجال والنساء والذُّريَّة، وعلى اختلاف أحوالهم ممن فيه أهلية القتال، أو به عجزٌ عن ذلك؛ كالمرضى والزَّمنَى وغيرهم، إلا خلافاً في الرهبان المنقطعين في الصوامع والديارات، وحيث ينفردون، فلا يكون منهم أذىً بتدبيرٍ ولا غيره؛ فذهب قومٌ إلى أنه لا يعرض لهم بأسر، كما لا يعرض لهم بالقتل عندهم، وهو قول مالك،
ورأى مع ذلك أن تترك لهم أموالهم ولا يسلبوها (?) ، ثم اختلفوا بعد فيما يفعل