-وقد قيل له: لو أن خيلاً أغارت من اللَّيل، فأصابت من أبناء المشركين- قال: «هم من آبائهم» . خرَّجه مسلم (?) .
فهذا في نساء المسلمين وأبنائهم ظاهر، فأما الأسرى من المسلمين يكونون معهم في الحصون، فدليل من أجاز ذلك هو من طريق المعنى، وذلك أن قوله في أبناء المشركين: «هم من آبائهم» ليس على معنى أنهم كفار؛ لأنهم لم يبلغوا، فلم يخاطبوا بَعْدُ بالإيمان، ولم يَجْرِ عليهم التكليف، فلا يصح إطلاق وصف الكفر عليهم، لكن معنى: «هم منهم» : رفع الحرج عن المسلمين في إصابتهم بحكم الاضطرار، ومعرَّة الاقتحام، أي: لا مأثم يلحق في إصابتهم، فكذلك يجري المعنى في حكم الأسرى من المسلمين إن أصيب منهم أحدٌ في أثناء الاقتحام، ووجه المنع في الجملة على نحو ما رُوِي عن ابن القاسم -أن لا يُرموا بالمجانيق إذا كان معهم
النساء والأطفال- عُموم النهي عن قتلهم؛ ولأن الحديث في إرخاص ذلك إنما جاء في البيات والغارات، حيث تدعو الضرورة إلى المباغتة، ولا يوقن بالذراري أن يصابوا.
وأما رمي الحصون، وقد علم مافيها من الذرية، والأمر فيهم على الرَّوية وعدم الاضطرار، فليس مما أبيح من ذلك، وهذا ونحوه هو الذي يتوجه لهذا القول.
والأَوْلَى -إن شاء الله- والذي نختاره التفصيل في ذلك، فنقول:
أمَّا إن لم يُعلم في الحِصنِ أحدٌ من أُسارى المسلمين، فالأظهر جواز رميهم، مع كون النساء والذرية في جملتهم، بدليل الحديث في قوله: «هم منهم» ، إذا لم يُقصدوا، وكان إصابتهم لضرورة الاقتحام؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم - فيهم: «لا حِمىً إلا لله ولرسوله» ، وأما إن كان في الحصن أحدٌ من أسارى المسلمين، يُعلم ذلك،