وصبيانهم يكونون على الحصون، يرمونهم بالحجارة، ويعينون على المسلمين، أيقتلون؟ فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان. ونحو ما رَوَى ابنُ المنذر من قول مالكٍ يقول جماعة من أصحابه (?) . وقال ابن حبيب في النساء والصبيان: إن كان قتالهم بالسيف والرمح ونحوه قتلوا في حال المدافعة، وإن كان بالحجارة ونحوها من فوق الحصن لم يقتلوا (?) . وقاله غيره من أصحاب مالك.
فأقول: إنه ليس لأحدٍ يذهب إلى أنهم لا يقتلون في حال الدفاع إذا ما قاتلوا حجَّة، وإن تعلَّقَ متعلِّق بظاهر العموم في النهي عن قتل النساء والصبيان؛ لم يصح له ذلك بعد قيام الدليل على تخصيصه.
ثم اختلف الذين رأوا قتل من قاتل من النساء والصبيان: هل يكون الحكم كذلك فيهم إذا قاتلوا ثم قُضي القتال وقد أُسِروا؟ فقيل: إنه يجوز قتلهم، كالحال في أسرى الرجال، ومستند من ذهب إلى ذلك أنهم قد استوجبوا القتل لقتالهم، وخرجوا من أن يكونوا فيمن وقع النهي عن قتله، فحكمهم بَعْدُ في القتل أو التَّرك كحكم سائر الأسرى، حسبما نذكره بَعدُ بحول الله -تعالى- (?) . وقيل: إنهم لا
يقتلون إلا في المدافعة وحال القتال فقط، ودليل من ذهب إلى ذلك: عموم النهي عن قتلهم، وأن التخصيص إنما يُتناول بيقينٍ حال المدافعة، فبقي ماوراء ذلك على عمومه، وهذا أرجح. والله أعلم.
وكلا القولين مرويٌّ عن أصحاب مذهب مالك (?) .