يكون له حكم مُولِّي الدُّبر.
وقال الشافعي (?) : إذا رجعَ القوم القَهْقَرَى بلا نيةٍ لأحد الأمرين، يعني: التحرف أو التحيز، كانوا كالمُولِّين؛ لأنه إنِّما أُريد بالتحريم: الهزيمةُ عن المشركين.
فصلٌ: في الثبوت للضِّعف، وهل يباح الفرار إذا زاد على ذلك؟
قال الله -عز وجل-: {يَا أيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنينَ عَلَى القِتَالِ إِن يَكُن مِنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ وإِن يَكُن مِنكُم مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَيَفْقَهُونَ. الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكمُ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإن يَكُن مِنكُم مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مائَتَيْنِ وإِن يَكُن مِنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذنْ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرينَ} [الأنفال: 65-66] .
فاتفق أهل العلم (?) ، ومن يُعْتَدُّ برأيهم، على أن الثبوت إذا كان المشركون ضِعْفَ المسلمين فأقلَّ: واجبٌ، والفرارَ عنهم حرامٌ، أو: معصيةٌ، وكبيرةٌ من جملة الكبائر (?) .
واختلفوا بعد ذلك في ثلاثة مواضع:
أحدها: إذا زاد المشركون على الضِّعف، هل يباح الفرار أو لا؟
والثاني: هل يعتبر الضِّعف في العدد أو في القوة والجَلَد؟
والثالث: هل للجَمع الذي يُباح له الفرار عند الزيادة على الضِّعف حَدٌّ، إذا انتهى إليه كان الفِرارُ محرَّماً بَعْدُ على كلِّ حال، وإنْ زاد عدد المشركين أضعافاً، أو لا حَدَّ له؟