الغزو فلا بأس أن يُعان، وقال الكوفيون: لا بأس لِمَنْ أحَسَّ من نفسه جُبناً أن يُجهِّز الغازي، ويَجْعَلَ له جُعْلاً لغزوته في سبيل الله (?) .
قال ابن عبد البر (?) : «لمّا كان الغازي يستحقّ سهماً من الغنمية من أجل حضوره (?) القتال، استحال أن يجب له جعلٌ فيما فعله لنفسه، وأدَّى به ما عليه من فرض الجهاد» .
وفيما قاله نظر؛ لأن غزو الغازي إن كان لإصابة الغنيمة فهو باطل، جُعِلَ له، أو لم يُجعلْ؛ لما يأتي بَعْدُ من الأدلة على ذلك، وإن كان على سُنَّة الغزو في سبيل الله، فالغنيمة إن كانت هنالك فبالعرضِ لا تَبطُل البَتَّة، ولا يستحيل بسببها التعاونُ على الغزو؛ لأن العمل لله لا للغنيمة.
وأما قوله: «وأدَّى به ما عليه من فرض الجهاد» ؛ فالمجعول لهم، ضَرْبان: فقيرٌ -فهذا لا فرض جهاد عليه؛ لأنه غير مستطيع- وغنيٌّ؛ فهو إن كان لم يخرج إلا للجعل، عاد القول في فساده إلى المعنى الأول، من حيثُ إنه لم يُرِدْ وجه الله، لا من حيث الإعانة على ذلك، وإن كان خارجاً على كل حال، فليس ما أُعطي يكون جُعلاً على أداء فرضه.
وبالجملة، فالأظهر، والذي عليه الجماعة من أهل العلم، أن ما أُعْطِيه الفقير عوناً على الغزو، وتقرباً به من غير مسألة،