الرجل منكم البَعْثَ فيها، فيتخلَّص من قومه، ثم يتصَفَّحُ القبائل يَعرض نفسه عليهم، يقول: من أكفيه بعثَ كذا؟ من أكفيه بعث كذا؟ ألا وذلك الأجيرُ إلى آخر قطرةٍ من دمه» .
وخرَّج -أيضاً- (?) في باب: الرخصة في الجعل في الغزو، عن عبد الله بن
عمرو، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي» .
فأقول: الوجه الذي أُرْخِصَ فيه غير الوجه الذي كُرِه، فإذا كان الانبعاث لله؛ لم يكن بالمعاونةِ على ذلك والجُعْل فيه بأسٌ، بل كلاهما مأجور، كما في الحديث، وإذا كان انبعاثه إنما هو لما يعطاه، لا غَرَض له غير ذلك؛ فهو أجير يَسفِك دمه على غير وجه الشرع، كما جاء في الحديث الأول.
وفي البخاري (?) : «وقال مجاهد: قلت لابن عمر: أُريد الغزو. قال: إنِّي أُحِبُّ أنْ أُعينكَ بِطائفةٍ من مالي، قلتُ: قد أَوْسَعَ (?) الله عليَّ، قال: إنَّ غناك لك، وإني أحبُّ أن يكون من مالي في هذا الوجه» .
وهذا موضع اختلف فيه أهل العلم؛ فرُوي عن مالكٍ أنه قال: لا بأس بالجعائل، ولم يزل الناس يتجاعلون بالمدينة عندنا، وذلك لأهل العطاء، ومن له