ادراكها «1»، فرع على ثبوت النبوة وتابع لها، كمسألة القدر، فحق الكلام أن يكون في رتبة قبلها. وأنت فقد قدمت من كلام" أرسطو" وغيره، أن نسبة إدراكاتنا إلى المبادئ الأولى كنسبة الخفاش إلى ضوء الشمس، ثم إنك في الاعتراض على هذه الأخبار تناقض «2» ذلك. فأنت هناك مشرع جامد، وهاهنا فيلسوف محلول، وحالك لا ينضبط.

الثاني: أن العلماء نقلوا عن موسى، أنه لما ناجاه ربه أمر الريح فأخذت على أسماع الناس، ولولا ذلك لماتوا من صوته- تعالى «3» -، ونحن عندنا أن الكلام والادراكات ليس من شرطها الأدوات، بل يجوز أن يخلقها الله- تعالى- في الجمادات كما قال سبحانه: وإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ... (44) «4».

وهو عند المحققين على حقيقته التي تليق بكل شيء بحسب قوته واستعداده وما يهيئه الله له، فكذلك يجوز أن ينطق الله تعالى الميت كما أحيى الموتى لعيسى/ ويحجب صوته عن الإنسان لئلا يصير إيمانه بهذه الحقائق الغائبة ضروريا، فتبطل فائدة التكليف بالإيمان بالغيب، ويسمع صوتها «5» غير الإنسان على حسب ما يليق بالأشياء، لأنها ليست مكلفة فلا محذور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015