بذكرهم، والنص على تفضيلهم معنى، فهذا وجه من الصواب والحكمة بين

مع تسليم القول بالأصلح، وأن الله سبحانه لم يامر بذلك ويشرعه إلا لعلةٍ

ووجه من وجوه المصالح والحكمة.

وقد يمكن أيضاً أن يكون تعالى إنما أنزل هذه على هذا الوجه، وأمر

بإثباتها كذلك ليبعث سلف الأمة وخلفها على حفظ كتابه وتأمل ألفاظه

وتبحر معانيه، وإمعان النظر في وجوهه ومبانيه وطرق إعرابه، والفحص عن

باقي ألفاظه، وهل في الكتاب ما يجري مجرى هذه الحروف ويشاكلها أم

لا، فيصيروا بذلك إلى ملازمة دراسته وكثرة تصفحه، وتعرف حال ألفاظه

وحروفه وشدة ضبطه وتكرار الفكر فيه، والاعتبار لألفاظه ومعانيه والاحتجاج لما طعن فيه والتنبيه على وجه المخرج منه، ويكون هذا أدعى الأمور لهم إلى حفظه وحراسته والإحاطة به، وإطالة الفكرة فيه، والتتبع له، والتوقيف عند كل شيء منه، ورد بعضه إلى بعض، واعتبار اللفظ بمثله، وقياسه على نظيره، ومعرفة السبب الذي خولف ببعضه حكم مثله، وجعل مباينا لما من سبيله أن يكون كهو وجاري مجراه، حتى يكونون في كل عصر وزمان وحين من الأحيان على مثل هذه الحال من دراسته وتحفظه وتأمل جميعه وتتبُّعه والاحتجاج له، والاجتهادِ في الدفاع عنه، ودفع كيدِ القادحين في تنزيله والملحدين في تأويله، ولو أخلاهم سبحانه من أحرفٍ منه غريبة وألفاظٍ

شاذةٍ ووجوهٍ غير مألوفة عند كثيرٍ منهم، يحتاج منهم فيها إلى طلب الوجه

والمخرج، لعدل القوم عن الدرس والتحفظ والبحث والتأمل، وثقلت عليهم مؤونة الاحتجاج، وتكلف النظر والاستدلال، ولعوّلوا على أنه كله ظاهر جلي ومألوف معروف، وأن الحليم العليم سبحانه منزله، ومحمداً صلى الله عليه مؤديه ومتحمله، والأمة المتلقية حفاظه وكتبته، وأن ذلك أجمع يغني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015