متولي لحفظه وحياطته، وعرفنا أنه ما فرط فيه من شيء، وأنه تبيان لكل
شيء، فقال عز وجل: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) .
أي إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقال جل ثناؤه: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) .
وقال تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) .
وقال جل ذكره: (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) .
وقال سبحانه: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) .
في نظائر لهذه الآيات أخبر فيها عن حفظه لكتابه وحراسته، والأمر بالرجوع إليه والعمل عليه، وتشريفه على سائر الكتب، وشدة تعظيمه له، وأنه محفوظٌ مصون من كيد الزائغين وتحريف المبطلين، فالحمد لله الذي هدانا بنور كتابه وأرشدنا لتصديقه ووفقنا لاتباع متضمنه، والتمسك بمعالمه والنقض لمطامع القادحين في تنزيله، والكشف عن شُبه الملحدين في تأويله، وصلى الله على رسوله محمدٍ القائم بما كلّفه من أدائه، والمناصح المجتهد فيما
نصب له من كشف غامضه وتبيانه، وعلى السلف الصالح من أوليائه الذين
جعلهم شهداء على عباده وخلفاء نبيّه وورثة علمه وحفاظ كتابه، والذابين
عن دينه، والدّاعين إلى سبيله، والقائمين بحقه، والحافظين لعهده، وإيّاهُ
جل ثناؤه نسألُ، وإليه نرغبُ في التوفيق، لما ألزَمنَاه من موالاتهم.
والاقتداء لآثارهم، وسلوك سبيلهم، والمضي على نهجهم، ويجنبنا الغضَّ
من أقدارهم، والطعن على أماناتهم وآرائهم.