ومما يدلُ عملى أنه جميع هذه القراءات، والقرآن الذي يُدّعى إنزالهُ
والكلمات الزائدة ليست بمثابة القرآن المتيقن المعلوم، إجماعُ الأمةِ على أن
من جحد الحمدَ والبقرةَ أو بعض القرآن، وقال: إنها ليست بقرآن، أو قال: لستُ أدري أنها قرآن أم لا، وجبَ إكفارهُ والحكمُ بردّته وخروجه عن جملة المسلمين، ولا سيّما إذا كان ممن ينسبُ إلى العلم وحفظ القرآن وسماع
النقل والأخبار، وأن من جحد قوله: (وهي العصرُ) ، (والسارقُ والسرقةُ
فاقطعوا (أبدانهم)) ، (ويأخذُ كل سفينة (صحيحةٍ) غصبا) ، (وأن تبتغوا فضلاً من ربكم في (مواسم الحج)) ، (والشيخُ والشيخةُ، ولو أن لابن آدم وادٍ من ذهب) ، (ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كُفْر بكم أن ترغبوا عن آبائكم) ، وأنكر أن يكون ذلك قرآناً، وقال: إني لستُ أدري أقرآن هو أم لا،، وقال: أقرأهُ كما رُوي على الظاهر دون القطع عليه، لم يكفُر بذلك ولم يكن خارجاً عن جملة المسلمين باتفاق، فوجب لذلك جهلُ من اعتقد أنّ هذه الشواذّ جارية في ظهورها وثبوتها وحصولِ العلم بها، مجرى الحمدِ والنمل والكهف، وبعض سور القرآن، وثبت بذلك افتراقُ الأمر فيهما.
فإن قالوا: ولو لم تكن هذه الكلماتُ والأحرفُ الزائدةُ قرآنا، ولا من
سبيل يوجبُ أن يكون من أدخلهما في القرآن واعتقد أنها منه كافراً، وبمثابة
من أدخل (قِفا نبك) ، (وألا هُبّي) ، (وودعّ عُميرةَ) في القرآن واعتقد أنّها
منها، فلما لم يكن ذلك كذلك، وجب أن تكون هذه الكلماتُ من القرآن.