على كلمةٍ أخرى، وجميع ما قلتموه في هذه القراءات ليس بحرف لأنّ

نَقصان الحرف ليس بحرف، وزيادة الحرف في الكلمة لا يُصير الكلمة

باسرها حرفا، فما وجهُ تسميةِ هذه الوجوه في القراءات حرفا؟

يقال لهم: قد نبّهنا على جوابِ هذا فيما سلف، وذلك أنّه قد ثبتَ أنّ

العربَ تُسمي الشيءَ باسم ما هو منه وما قارنَه وجاوَره وكان بسببٍ منه

وتعلّقَ به ضربا من التعلق، وتُسمي الجملةَ باسم البعض منها، وتُسمي

القصيدة والخطبةُ والرسالةُ كلمة، وتسمّي الكلمةَ التامةَ حرفا فنقول:

(الم) حرف على ما قلناه من قبل، وإذا كان ذلك كذلك جاز أن يُسميَ

النبي - صلى الله عليه وسلم - الكلمةَ التامةَ والقراءةَ الطويلةَ حرفا على تأويل أنّ منها وفيها حرفا يغير كلمةً وحالةً في القراءة، فيُقرأ مرةَ بالفتح ومرةً بالضم، أو أنّ سببَ هذه القراءةِ حرفاً يثبتُ تارةً فيها وتارةً ينقُص، أو أنّ منها حرفاً مرةً يقرأ على ما هو به ومرةً يُقلبُ إلى غيره ويبدلُ بسواه، أو أن منها حروفاً تُقدّمُ في القراءة، ومرةً تؤخَّر، وتسمى الحروف حروفا وتريد به جنسَ الحروف.

وإذا كان هذا بيِّنا جاريا في استعمال العرب وجبَ صحةُ ما رُويَ واتُفق

عليه من قولهم: هذا يقرأُ من حرفِ عبد الله بكذا، ومن حرف أبيّ بكذا.

ومن حرف زيد بكذا، فتنسبُ الكلمةُ والقراءةُ إلى الحرفِ الذي فيها، فبطلَ

تعجب من ظن بعدَ هذا أو استهجانَه في اللغة.

ويجوزُ أيضاً أن يقالَ إنّه - صلى الله عليه وسلم - سمّى الكلمةَ والقراءةَ حرفاً مجازاً واتساعا واختصاراً، كما سُميت القصيدة كلمة، كذلك الرسالةُ والخطبةُ على ما بيَّناه من قبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015