واستدلوا أيضا على وجوب ترتيب سور القرآن على ما في الإمام بما
رواه أبو قِلابةَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَن شهد خاتمةَ القرآن كان كمَن شهِدَ فتحا في سبيل الله تعالى".
وأن المسلمين أجمعوا على أنّ للقرآن قاتحة وخاتمه وهذا أيضا لا حجةَ فيه، لأن قوله من حضرَ خاتمةَ القرآن إنما يريد آخر ما يقرأ منه، الذي يكون قارئه مع قراءة ما قبله خاتما لكتابِ الله، ولم ينص على خاتمته فلا حجّةَ لهم في ظاهر الخبر، ولكنا لا ننكرُ مع ذلك أن تكونَ الحمدُ قد جُعِلَته فاتحةَ ما يُكتب ويتلى، والناسُ خاتمةً لذلك وإن لم يُوجِب ترتيبَ ما بينهَما من السور، فلذلك اتفقَ أصحابُ المصاحف على الافتتاحِ بالحمدِ في القراءة والختمِ بالناس، وإن لم يُرتبوا ما بينهما، وأنه يمكن أن تكونَ الفاتحة والخاتمةُ قد جعلتا فاتحةً
وخاتمةً في التلاوة دون الرسمِ والكتابة، فلا حجَّةَ في التعلق بهذا، ونرى أن
هذا الخبر لم يسمعه أصحابُ المصاحفِ المختلفةِ الترتيب.
راستدلوا أيضا على وجوب تأليفِ السور على ما في الإمام ونص
الرسول على ذلك بأن عمل أهل مكةَ استقر على التكبير عندَ ختمِ القرآن إذا بلغ القارئ إلى سورة الضحى، وأنهم يكبرون عندَ ختم كل سورةٍ إلى آخر القرآن.
قالوا: وذلك لا يكونُ إلا عندَ توقيفٍ على ترتيب السور، وإيجاب
التكبير.
وهذا أيضا ما لا شُبهةَ فيه، لأنه قد يجوزُ أن يكونَ الجماعهّ لما رتبَ
المصحفُ هذا الترتيبَ عمل أهلُ مكةَ على التكيير عندَ مقاربةِ الختمة.
تعظيما للقرآن وتوخياً للثواب وإنذار الناسِ بقرب ختمه والبلوغِ إلى آخره