وكذلك فلا يجبُ أن تُقطع الشهادةُ بذلك برؤيةِ صحيفة هذه سبيلُها على

مَن هو دونَ أُبي من المؤمنين، وأن الوضعَ والكذبَ والتلفيقَ قد يُرسَمُ في

المصحف ويُنسَبُ إلى أهل الفضل لقصد ما ذكرناه، وإنَّما يجبُ أن يُقطَعَ

على أن الكتابَ والمصنَّفَ كتابُ الرجل وتأليفُه، وثبتت الشهادةُ عليه بذلك

بالأخبارِ المتظاهِرة المستفِيضة الموجِبة للعلم دونَ وجود الكتابِ فقط.

وبمثل هذه الأخبار أثبتنا مصحف عثمانَ وأنّه جمَعَه، وبمثلِها علمنا أنّ

"موطأ مالك " و "رسالة الشافعي " و "مختصر المُزَني " و "العينَ " للخليل

و"المقتَضَب " للمبرد: من تصنيفِ من يُنسَبُ إليه من العلماء، لا بوجود

الكُتُب والصحف فقط التي لا تُبينُ عن نفسِها ولا تُخبِرُ عن صحتها

وبطلانها، فإذا كان ذلك كذلك لم يكن في وجودنا أيّةَ نسخةٍ أو بأيّة نسخةٍ

فيها دعاءُ القنوت منسوبةً إلى أُبيّ ما يوجبُ القطع عليه بدلك والعلم بأنه مِن

جمعِهِ وإثباتِه، فبان أنه لا تعلُّقَ لهم في هذه الآية.

وقد ذكر الناسُ أن الذي لَهَجَ بذكر ذلك على أُبي وخاض فيه وأشاعَ

ذكره عنه أصحابُ عبد الله بن مسعود، وأن الداعيَ كان لهم إلى ذلك شدةُ

حرصهم وعنايتِهم بطلب كلّ مصحفٍ يُخالِفُ مصحف عثمان بما قلّ أو كثر

ليجعلوا ذلك حجّةً وذريعةً إلى تسهيل سبيل مخالفة الناس لمصحفِ عثمانَ

والعملِ به وبغيره من مصحفِ عبدِ الله وأُبيّ وغيرِهما، وكان هذا سببَ ذكر

الناس لهذه القصة عن أُبيّ، فروى بِشْرُ بن سعيدٍ عن محمد بن أُبى بن كعبٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015