قال جميعُ من دان بما وصفناه في مصحف عثمان رحمة الله عليه: إننا
وجدنا الأمةَ مختلفةً في نقله اختلافاً شديداً بشيعاً، حتى صرنا لعظيم اختلافهم
لا نقف على صحيحه من فاسده، ولا نعرفُ الزائدَ منه ولا الناقص، ولا
نعرفُ موضع كلّ شيءٍ منه الذي أُنزل فيه وما قبلَه وما يليه، وقال قومٌ منهم: إنه لا يعرفُ الناقص منه إلا الإمامُ الذي أُودع علمَه وشيعتُه، وهذا قول من أنكر الزيادة فيه وأقر بنفصانه، قالوا: لأن أبا بكرٍ وشيعتهُ هم الذين تولّوا نظمه وترتيبه وجعله سوراً أو كثير منه وقدّموا منه المؤخر، وأخّروا المقدّم، ووضعوا كثيراً منه في غير حقه، وأزالوه عن موضعه الذي هو أولى به، قالوا: والحجة لذلك أنه قد عُلم أن المصحفَ الذي في أيدي الناس إنما هو مصحف عثمان الذي جمعه، وجمعَ بعضَه من قبله أبو بكرٍ وعمر، وإنما
كانوا يجمعونه - زعموا - ويتبينونه بشهادة اثنين إذا شهدا على أنه قرآن.
وخبرُ الاثنين وشهادتُهما لا توجب علماً ولا تقطع عذراً.
قالوا: وقد قامت الأدلة القاطعة على نقصانه وفساد كثيرٍ من نظمه، وكونه
غيرَ متناسبٍ ولا متلائم، قالوا: وما نجده من اختلاف القَرَأةِ السبعة، وأصحاب الشواذّ، وما رُوي وظهر من اختلاف سلفهم لزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وأبيّ، وما خرجوا إليه من المنافرة والمشاجرة وإعظام القول،