لشكِّ أيوب في سماعه من سعيد بن جُبير)) ، وقد اطَّلع على هذا التضعيف المالكي.
وقد عاش ابن عباس بعد معاوية ثمان سنين، فلو صحَّ الأثر احتمل أن يكون الذي عناه ابنُ عباس غيرَ معاوية رضي الله عنه؛ لأنَّ اللَّعنَ فيه بالإبهام وليس بالتعيين.
وما جاء في الأثر من كون النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفطراً بعرفة وشربه اللَّبن الذي بعثت به أمُّ الفضل فهو ثابت.
4 ـ أمَّا قول المالكي: ((وقد كان يلعن معاويةَ كثيرٌ من المهاجرين السابقين والأنصار، كعلي وعمار وقيس بن سعد بن عبادة وغيرهم)) ، فلَم يذكر مستندَه في ذلك، وإن كان له مستندٌ فالغالب أنَّه من جنس مستندِه فيما أضافه إلى ابن عباس، وقد بيَّنتُ فسادَه.
5 ـ وأمَّا قوله: وقد ذهب إلى جواز لعنه من العلماء المتأخِّرين محمد بن عقيل ـ وهو عالم سُنِّي! ـ في كتابه النصائح الكافية!!)) ، فأقول: إنَّ ابنَ عقيل الذي ذكره هو الحضرمي المتوفى سنة (1350هـ) ، وهو ليس من أهل السُّنَّة، بل هو من المبتدِعة، وقد ذكر صاحب معجم المؤلفين (10/297) في مصادر ترجمته كتاب أعيان الشيعة للعاملي، والضرر الذي حصل للمالكي إنَّما حصل له بقراءة كُتب هذا الرَّجل وأمثاله من أهل البدع والضلال، وكتابه الذي أشار إليه اسمه ((النصائح الكافية لِمَن يتولَّى معاوية)) ومقتضى عنوان هذا الكتاب ومضمونه زعم النُّصح لِمَن يحبُّ معاوية ألاَّ يحبَّه، بل عليه أن يُبغضَه، وهذا النُّصحُ هو من جنس نصح إبليس لآدم وحواء ـ عليهما السلام ـ الذي ذكره الله عنه بقوله: {وَقَاسَمَهُمَا إِنَّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} ، ومن جنس نصح إخوة يوسف ليوسف - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي