الثالث: أمَّا ما ذَكَره عن ابن عباس من أنَّه يرى جواز لعن معاوية، وأنَّ من أسباب ذلك أنَّه يعتبره غير صحابي، فجوابه أن يُقال:
1 ـ إنَّ ابنَ عباس رضي الله عنه أيضاً قال فيه المالكي إنَّه ليس بصحابي كما قال في أبيه العباس، وقد مرَّ بيان ذلك.
2 ـ إنَّ ابنَ عباس رضي الله عنه أثنى على معاوية رضي الله عنه ووصفه بأنَّه فقيه، وأنَّه صَحِبَ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ففي صحيح البخاري (3764) بإسناده إلى ابن أبي مُليكة قال: ((أوتر معاويةُ بعد العشاء بركعة وعنده مولًى لابن عباس، فأتى ابنَ عباس، فقال: دَعْه؛ فإنَّه قد صحب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) .
وفي صحيح البخاري أيضاً (3765) بإسناده إلى ابن أبي مليكة أنَّه قال: ((قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية؛ فإنَّه ما أوتر إلاَّ بواحدة؟ قال: إنَّه فقيه)) .
3 ـ إنَّ ابنَ عباس لَم يلعن معاوية رضي الله عنه، ولَم يرَ جوازَ لعنِه، بل الذي حصل منه الثناء عليه ومدحه، وأمَّا الأثر الذي استند عليه في ذلك وعزاه إلى المسند بتحقيق أحمد شاكر، فهو في المسند هكذا، قال الإمام أحمد: حدَّثنا إسماعيل، حدَّثنا أيوب، قال: لا أدري أَسمعتُه من سعيد بن جُبير أم نُبِّئتُه عنه، قال: ((أتيتُ على ابنِ عباس بعرفة وهو يأكل رُمَّاناً، فقال: أفطر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرفة، وبعثتْ إليه أمُّ الفضل بلَبَنٍ فشرِبَه، وقال: لعن الله فلاناً؛ عمَدوا إلى أعظم أيَّام الحجِّ فَمَحَوْا زينَتَه، وإنَّما زينة الحجِّ التلبية)) .
وقد ضعَّفه الشيخ أحمد شاكر ـ رحمه الله ـ فقال: ((إسناده ضعيف؛