الصفات التي يتفاضلُ فيها الناسُ في قَدْرِها ونَوعِها وصِفَتِها، ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبَّه خالد، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تسُبُّوا أحداً من أصحابي؛ فإنَّ أحدَكم لو أنفق مثلَ أُحُدٍ ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه) ، انفرد مسلمٌ بذكر خالد وعبد الرحمن دون البخاري، فالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لخالد ونحوه: (لا تسُبُّوا أصحابي) ، يعني عبد الرحمن بن عوف وأمثاله؛ لأنَّ عبد الرحمن ونحوَه هم السابقون الأوَّلون، وهم الذين أسلموا قبل الفتح وقاتلوا، وهم أهلُ بيعة الرضوان، فهؤلاء أفضلُ وأخصُّ بصحبته مِمَّن أسلَم بعد بيعة الرضوان، وهم الذين أسلموا بعد الحديبية، وبعد مصالحة النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهلَ مكة، ومنهم خالد وعمرو بن العاص وعثمان ابن أبي طلحة وأمثالهم، وهؤلاء أسبق من الذين تأخَّر إسلامُهم إلى أن فُتحت مكة وسُمُّوا الطُّلَقاء مثل سُهيل بن عمرو والحارث بن هشام وأبي سفيان بن حرب وابنيه يزيد ومعاوية وأبي سفيان بن الحارث وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وغيرهم، مع أنَّه قد يكون في هؤلاء مَن برز بعلمِه على بعض مَن تَقَدَّمه كثيراً، كالحارث بن هشام وأبي سفيان بن الحارث وسُهيل بن عمرو، وعلى بعض مَن أسلم قبلهم مِمَّن أسلم قبل الفتح وقاتل، وكما برز عمر بنُ الخطاب على أكثر الذين أسلموا قبله.
والمقصود هنا أنَّه نَهْيٌ لِمَن صحِبَه آخراً أن يسبَّ مَن صحبه أوَّلاً؛ لامتيازهم عنهم في الصحبة بِما لا يمكن أن يشركهم فيه، حتى قال: لو أنفق أحدُكم مثلَ أُحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه.
فإذا كان هذا حالُ الذين أسلموا من بعد الفتح وقاتلوا، وهم من أصحابه التابعين للسابقين، مع من أسلم من قبل الفتح وقاتل، وهم