الفتح، ولكن جهادٌ ونيَّة، وإذا استُنفرتم فانفروا)) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، واللفظ للبخاري (2825) .
ثمَّ إنَّ الأنصارَ الذين أثنى الله عليهم في كتابه العزيز إنَّما حصَّلوا اسمَ النُّصرة ووصْفَها لكونِهم نصروا الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد حصَّل المهاجرون وصْفَ النُّصرةِ مع الهجرة، ومَن لَم يكن من المهاجرين والأنصار وقد نصر النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجاهد معه في سبيل الله له نصيبٌ من هذا الوصف في الجملة، وله الثواب الجزيل من الله على ما حصل منه من النُّصرة، وقد نوَّه الله بفضل وثواب مَن آمن وجاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزواته ـ ومنها تبوك ـ بقوله: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ أَعَدَّ الله لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ} ، وأخبر أنَّه كافيه وكافي مَن اتَّبعه من المؤمنين في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} .
* * *
قال في (ص:27 ـ 29) : ((الدليل الثاني: قول الله عزَّ وجلَّ: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ} .
فهنا أخبر الله عزَّ وجلَّ بثلاث طوائف كانت كلُّها في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: