صُحبتُهم لُغويةٌ شبيهةٌ بصحبة المنافقين والكافرين تقسيمٌ غيرُ صحيحٍ، وهو من محدثات القرن الخامس عشر، والصحيحُ أنَّ كلَّ مَن لقي النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤمناً به ومات على الإسلام فهو من أصحابه.

قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (1/10) : ((وأصحُّ ماوقفتُ عليه من ذلك أنَّ الصحابيَّ مَن لقي النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مؤمناً به ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه مَن طالت مجالسته له أوقصُرت، ومن روى عنه أو لَم يروِ، ومن غزا معه أو لَم يغزُ، ومن رآه رُؤيةً ولو لَم يجالسْه، ومَن لَم يرَه لعارضٍ كالعمى)) ثمَّ شرح تعريفَه هذا إلى أن قال (1/12) : ((وهذا التعريفُ مَبنِيٌّ على الأصحِّ المختارِ عند المحقِّقين كالبخاري وشيخِه أحمدَ بن حنبل ومن تبعهما، ووراء ذلك أقوالٌ أخرى شاذَّةٌ ... )) وأشار إلى جملةٍ منها، وهذا التعريفُ هو الأسلمُ، وهو يشملُ حتى الذين رأوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مجرَّدَ رؤية ولَم يُجالِسوه، ويدلُّ لذلك أدلَّةٌ:

الأول: قال الله عزَّ وجلَّ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ الله وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} .

فإنَّ هذه الآيةَ الكريمةَ عامَّةٌ في جميع أصحاب الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سواءً مَن كان أسلم عام الفتح وصحبه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومَن كان قبل ذلك وبعده إلى وفاة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015