جزماً، ونزلت الآيات في وصفِها، وكانت أيَّام الضَّعف والذِّلَّة، أيَّام حاجة الإسلام والنَّبِيّ إلى النُّصرة، تلك الصُّحبة التي إن ورد الثناء على الأصحاب أو الأمر بعدم سبِّهم أو الأمر باقتداء بهم فلا تنصرف هذه المعاني إلاَّ للصُّحبة الشرعية، وهذا لا يعنِي عدم الثناء على الصالحين في أيِّ زمن، وإنَّما يعني احترام خصوصية السابقين الذين فضَّلهم الله ورسولُه وهم المهاجرون والأنصار.

أمَّا هل سبقنِي أحدٌ إلى هذه التسمية، فهذا سؤال له جوابان: عام وخاص:

أمَّا العام: فهناك كثيرٌ من المصطلحات أعطاها الشرعُ دلالةً خاصَّة غير دلالتها الأولى، وعلى سبيل المثال مصطلحات الزكاة والصلاة والحج، فمعانيها من حيث اللغة الطهارة أو التطهُّر والدعاء والقصد ... لكن الإسلام بنصوص الكتاب والسنة قد أعطى هذه المعاني دلالات أخرى مع عدم نفي الدلالات السابقة، فالحجُّ قصدٌ لكن إلى بيت الله الحرام

لأداء شعائر معيَّنة، والزكاة تُطهِّر مالَ المزكى وتطَهِّر المزَكِّي من الإثم، ونحو هذا.

بمعنى أنَّ الشرعَ يضيف تقييدات على المصطلحات العامة ليُصبح

لها مدلولاً شرعيًّا مقيَّداً (كذا) بعد أن كان المدلول مشتركاً لفظيًّا أو يكثر فيه المجازات اللغوية، فكذلك الصُّحبة، إذا قال النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تسبُّوا أصحابي ... ) عرفنا أنَّ كلمة (أصحابي) في هذا الحديث لا تعنِي إلاَّ السابقين من المهاجرين أو الأنصار؛ بدلالة أنَّ المخاطب صحابي تأخر إسلامه إلى بعد الحديبية، وهو يدخل في الخطاب بطريق الأولى، وكذلك إذا وجدنا آيةً تُثني على (الذين معه) أي الذين مع الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015