زائدة، فلم يبق إلا ما قاله سيبويه من التبعيض، لأن هذه وجوهها في الكلام.

فإن قال: فما وجه التبعيض؟ قيل له: وجهه يتبين لك إذا قلت: أنت أفضل الرجال وأفضل رجل وأنت تريد العموم بذلك، فإن أدخلت (من) فقلت: أنت أفضل من رجل وأنت تريد العموم لم يجز، وإنما تفضله على رجل واحد، إذا أتيت بمن، وكذلك وجهك أحسن وجه، وثوبك أنظف ثوب، وأبوك أكرم أب، فإنما معنى هذا كله العموم، كأنك قلت: وجهك أحسن الوجوه، وثوبك أنظف الثياب، وأبوك أكرم الآباء، فإن أدخلت (من) على هذا كله صار مخصوصا ودخله معنى التبعيض، ولم تكن مفضلا للاسم على جميع الجنس لكن على بعضه، وذلك إذا قلت: وجهك أحسن من وجه، وثوبك أنظف من ثوب وأبوك أكرم من أب، فإنما تفضله على واحد لا على الجميع.

فإن قال: فنحن نقول: زيد أفضل من الآباء أو أفضل من الرجال، قيل [له]: إن قلت: زيد أفضل من الآباء أومن الرجال، على معنى أفضل الرجال لم يجز، وإنما فضلته على جماعة من الجنس، فقد عاد إلى معنى التبعيض، وسواء فضلته على واحد من الجنس أو على جماعة منه غير مستوعبة له، وكأنك قلت: زيد أفضل من الرجال الذين تعلم أو من جميع الرجال الذين تعلم.

فإن أدخلت (من) معنى: زيد أفضل الرجال، أي: أفضل هذا الجنس لم يجز، والتبست المعاني، وإنما دخلت (من) ها هنا لتفرق بين العموم والخصوص، وإذا كانت فارقة بين معنيين لم يجز إسقاطها /158/ إذا أردت التبعيض، ولا المجيء بها إذا أردت أن تعم، ولذلك قال سيبويه في هذا الفصل: ولا يجوز إسقاطها في هذا الموضع، فإن زعم أن إسقاطها جائز، وأن قولنا: زيد أفضل من الرجال كقولنا: زيد أفضل الرجال في معنى العموم، فقد صارت (من) زائدة ها هنا، وصار دخولها كخروجها، وهذا نقض لقوله: إنها ها هنا لابتداء الغاية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015