بمضارع للأسماء، وإنما يضارعها جنس منها، وجميعها يستغني عن الحروف، وإنما تكلم على الاسم والفعل والحرف كلاما عاما وأتى لكل جنس من الثلاثة بعلة جامعة توجب التقديم والتأخير في الرتبة لذلك الجنس.

مسألة [122]

ومن ذلك قوله في هذا الباب: زعم أنه إذا قال: أنت أفضل من زيد، فإنما دخلت (من) ها هنا لأنه موضع تبعيض، لأنه أراد فضله على بعض الرجال.

قال محمد: وهذا غلط، لأنه قد يجوز أن تقول: أنت أفضل من جميع الناس، ومعناه أنت تفضل زيدا، وأنت تفضل جميع الناس، وإنما (من) ها هنا موصلة ليست على جهة تبعيض، ولكن ابتداء غاية، وذلك أنك نعرف تقدمه في الفضل من فضل زيد، ولولا معرفتك بمقدار فضل زيد لم تدر ما فضل من تفضله عليه.

قال أحمد: أما قوله: إن (من) في قولك: هذا أفضل من زيد لابتداء الغاية فلا يصح، لأن الابتداء يقتضي انتهاء ويكون الفضل واقعا على ما بين الغايتين، ألا ترى أنك إذا قلت: سرت من مكان كذا إلى مكان كذا، فالسير قد وقع على ما بين الغايتين، فأما الغايتان فربما دخلتا في الفعل وربما لم تدخلا، وأما ما بينهما فالفعل واقع عليه لا محالة، ومثال ذلك أنك إذا /157/ قلت: أكلت من رأس السمكة إلى ذنبها، فقد يدخل الرأس والذنب فيما أكل وقد لا يدخلان فيه، فيلزمه على هذا إذا جعل (من) في قولهم: هو أفضل من زيد لابتداء الغاية أن يكون الفضل واقعا على غير زيد، وليس هذا المراد في هذا الكلام، ألا ترى أنه لو كان معناه ما ذكر ثم جئنا باللفظ مطابقا فقلنا: ابتداء فضله من زيد لوجب بهذا أن يكون [ها هنا] مفضول غير زيد، وزيد طرف له وغاية، وليس يريدون ذلك في قولهم: هو أفضل من زيد، ولا أن يفضلوه على سوى زيد، وإذا لم تكن (من) ها هنا لابتداء الغاية ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015